حوار مفتوح في دمشق حول دور الشباب في سوريا "ما بعد الأسد "
شام مصطفى6/1/2025دمشق- تحت عنوان "الشباب والتأثير.. ماذا بعد التحرير؟"، ووسط جموع حاشدة من الحضور، التقى أمس الجمعة مؤثرون سوريون بارزون على وسائل التواصل الاجتماعي بشريحة الشباب بأحد المقاهي قرب ساحة السبع بحرات وسط العاصمة دمشق، وذلك لإجراء حوار مفتوح حول عدد من القضايا الشبابية في لقاء هو الأول من نوعه منذ سقوط النظام السوري قبل نحو شهر.
وقامت منظمات "بنفسج" و"مؤثرون من أجل الإنسانية" و"بالحب بدنا نعمرها" بجمع كل من المؤثر بشر النجار والحارث نمر وفؤاد سيد عيسى وصالح زغاري، للحديث حول دور الشباب وتأثيرهم على أرض الواقع وفي منصات التواصل الاجتماعي في سوريا الجديدة.
وقال المؤثر والمتحدث باسم منظمة بنفسج فؤاد سيد عيسى إن هدف الفعالية هو "أن نلتقي مع الشباب السوريين في دمشق بشكل خاص، ويمكن أن تعاد المبادرة في أماكن أخرى مع شبان سوريين من المؤثرين وعدد من المتابعين للحديث عن مرحلة ما بعد التحرير، وعملية البناء، ودور الشباب في بناء المجتمعات السورية".
وأشار فؤاد إلى أهمية المبادرات الاجتماعية في التأثير على الواقع وتغييره، مستشهدا بما قام به متطوعو حملة "بالحب بدنا نعمرها" من تنظيف للشوارع والمرافق العامة في مدن سورية كبيرة، مؤكدا ضرورة أن "نعظم أثر هذه الحملات ونستمر فيها".
إعلانوعن النجاح الذي حققته منظمة بنفسج يقول المؤثر: "إن بنفسج هي مثال أعطيناه للشباب ليدركوا أن السوريين قادرون على الإنجاز والبناء إذا توفرت لديهم المساحة والحرية، هناك مؤسسات مثل بنفسج وملهم ومؤسسات سورية أخرى هي أمثلة لنجاح الشاب السوري والفريق السوري عند توفر المساحة والدعم الكافي".
أحاديث النصر
وبدأت الفعالية بوقوف جماعي لأداء النشيد الوطني الجديد لسوريا، تلاه تصفيق حار وكلمة لفؤاد سيد عيسى عن تجربة إنشاء المنظمة (وهي منظمة مجتمع مدني) في رحاب إدلب، المدينة التي كانت تعاني الأمرين منذ سنوات بسبب القصف المتواصل للنظام على أحيائها المدنية، ومغالبة آلاف النازحين فيها صعاب الحياة ضمن خيامهم، في ظل واقع معيشي هو الأسوأ في البلاد، حسب قوله.
وأشار فؤاد إلى التحديات التي واجهت كوادر المنظمة في سياق عملهم الإغاثي والمدني، وتغلب المنظمة على ضعف الإمكانات وسعيها المستمر لتحقيق أهدافها مستلهمة عزيمتها وإصرارها من مفهوم الحرية الذي رسخته الثورة السورية في ضمائر كوادرها.
تلا ذلك حديث للمؤثر السوري على وسائل التواصل الاجتماعي الحارث نمر، تمحور حول "أثر الفراشة" الذي يمكن أن يتركه تأثير كل فرد من الأفراد في سوريا على حدة لبناء مستقبل أكثر إشراقا، مستدلا على ذلك بعدد من المرويات التقليدية عن التأثير الضئيل للأفراد بظاهره والكبير بجوهره.
وصعد المؤثر الفلسطيني صالح الزغاري إلى المنصة بعد الحارث نمر، وروى بدوره عن العلاقة الوجدانية التي ربطته بأصدقائه السوريين في المهجر، وعن حضور سوريا الثورة في محتواه منذ بداية عمله، سوريا التي لم يكن يتوقع أن تتحرر على زمانه، معبرا بذلك عن اندهاشه الفَرِح بتحقيق الثورة السورية نصرها في هذا التوقيت، ومتمنيا أن يزور فلسطين محررة كما زار دمشق الحرة من النظام السوري بعد حين.
بينما لقي دخول بشر النجار، المؤثر السوري وصاحب برنامج "الجهبذ " على قناة AJ+، إلى المقهى ترحيبا من الحضور، الذين هتفوا باسم "حمادة" الشهير، الذي يستعمله النجار في حلقاته كناية عن اسم المشاهد الذي يخاطبه.
إعلانودار حديث النجار مع الحضور حول فرحه بنصر الثورة، واندهاشه من إجرام النظام السوري السابق بعد زيارته لعدد من الأمكنة التي كانت تجري فيها عمليات التعذيب والقتل في المعتقلات. وركن النجار إلى أسلوبه المعتاد بالمزج بين السخرية من جهة، والجدية من جهة أخرى، لإيصال رسائله التحفيزية إلى الشباب.
وشدد على أهمية التعليم والعلوم الإنسانية وتعلم اللغات الأجنبية، مؤكدا أن على الجيل الجديد، لا سيما بعد سقوط النظام، أن يتسلح بما أمكن من الأدوات لبناء بلده المدمر.
وفُتح المجال بعد ذلك لمشاركة الشباب من الحضور للتعبير عن آرائهم وتوجيه الأسئلة للمؤثرين بما يضمن أن يرشح اللقاء عن حوار مثمر وغني حول دور الشباب والتأثير في سوريا المستقبل.
حوار وصلة رحم
ومن جهته، عبر براء الأزهري (31 عاما)، وهو مخرج ومصور سوري وأحد الحضور في الفعالية، عن عطشه إلى الحوار السوري السوري، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أنه بعد مرور 54 عاما من العيش تحت ظل النظام البائد "تشعر كأن الأواصر بين السوريين قد تقطعت، ولذا فإن أكثر ما نحتاجه اليوم هو الحوار، بمعنى أن نتواصل مع بعضنا البعض، وعليه كانت هذه الفعالية لفتة لطيفة ومهمة، حيث تبادلنا الآراء والأفكار ورد علينا المؤثرون، وكأنما أصبحت لدينا خارطة طريق للعمل في سوريا على الصعيد الشبابي".
في حين قالت جودي خلوف (27 عاما)، إحدى الحاضرات في اللقاء، للجزيرة نت إنها هنا لحضور اللقاء الشبابي والحديث عن مستقبل سوريا، "ومن الجميل أن تأتي فتجد شبابا من عمرك يحملون أملا وتفاؤلا حيال المستقبل، إضافة إلى أن المؤثرين الحاضرين هم مؤثرون نحبهم ونعتز بهم".
وحول مشاعره بعد تواصله مع الشباب في دمشق، مسقط رأسه والمدينة التي غاب عنها 14 عاما، يقول بشر النجار: "كان حدثا جللا، وكان التفاعل أكثر من رائع وأكبر مما توقعت بكثير، فمهما سافر الإنسان وتنقل لا يجد مثل وطنه وأبناء هذا الوطن، والكلمات الآن عاجزة عن وصف مشاعري، ببساطة: الفرحة غامرة".
إعلانوعن رسالته التي أراد إيصالها للشباب السوري بعد التحرير، أضاف النجار في حديث للجزيرة نت: "أنا رجل يحب بلاده وأهلها كثيرا، ورسالتي لهم دائما كانت ألا يفقدوا الأمل. وفي النهاية أنا فرد من ملايين السوريين جميعا، وأقول تعبنا كثيرا ويأسنا وانهزمنا، ولكن والحمد لله انتصرنا في النهاية".
وتمنى المتحدث ذاته أن لو كان بمقدوره أن يجلس ويتكلم مع الناس فردا فردا "لنربت على بعضنا البعض، ثم نبدأ بالبناء وإعادة الإعمار".
وفي سياق الحديث عن دور المؤثرين، أشار النجار إلى وجوب نشر الأمل، إلى جانب بعض التوجيهات، موضحا أن صوت الفرد يمكن أن يصل إلى أعداد كبيرة ويؤثر، ولكن هذا لا ينفي أن المشاكل اليوم في سوريا بحاجة إلى دولة ومؤسسات.
بينما لخص فؤاد سيد عيسى أهداف لقاء الشباب بالقول: "هدفنا الأول هو تبادل الآراء السورية، والحديث عن المستقبل ودور الشباب السوري بشكل أساسي، وأيضا إحياء المزيد من المبادرات التطوعية، وتأمين التمويل لدعم مبادرات مختلفة حتى تثمر في مساعدة الحكومة الحالية والقوة الموجودة على الأرض في تغيير الواقع وتحسينه".
ولفت المؤثرون في حديثهم للجزيرة نت إلى أن هذه الفعالية لن تكون الأخيرة، بل سيقومون بفعاليات مشابهة خلال الأسابيع والأشهر القادمة للتأكيد على دور الشباب في بناء سوريا المستقبل.