Skip to main content

كيف تحول "الأفوكادو" من طعام للحيوانات إلى فاكهة عالمية مميزة؟

10 كانون الثاني 2025
أسلوب حياة

كيف تحول "الأفوكادو" من طعام للحيوانات إلى فاكهة عالمية مميزة؟

ثمرة الأفوكادو ذات أهمية كبيرة بين السكان الأصليين لأميركا الوسطى (بيكسلز)
رشا عبيد10/1/2025

ذاع صيت الأفوكادو في السنوات الأخيرة

وكنتيجة لذلك، ارتفع معدل استهلاك الفرد السنوي من الأفوكادو في الولايات المتحدة من 1.5 كجم عام 1998 إلى أكثر من 9 كيلوغرام عام 2023، وسجل سوق الأفوكادو العالمي نحو 19.27 مليار دولار أمريكي عام 2024، ومن المتوقع أن يزيد بمعدل نمو سنوي مركب قيمته 5.9%.

شجرة الأفوكادو

هي شجرة فاكهة معمرة بأوراق بيضاوية، يعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف عام،وتنتمي إلى فصيلة النباتات المزهرة الغارية (Laurales) التي تنمو في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية.

يتنوع شكل ثمرة الأفوكادو، ما بين دائرية أو أجاصية الشكل مع رقبة طويلة نحيلة، ويتراوح لونها من الأخضر إلى الأرجواني الداكن، لها بذرة مركزية تشبه الكستناء، وفيحين تكتسب الفواكه السكر مع نضجها، فإن محتوى السكر في الأفوكادو ينخفض ​​مع نضجه.

وتعد ثمرة الأفوكادو مصدرا للدهون الصحية غير المشبعة، وتحتوي على مواد مغذية أخرى منها فيتامين ب، فيتامين ك وفيتامين هـ، إضافة إلى كميات ملحوظة من البروتين والبوتاسيوم والمغنيسيوم وغيرها من العناصر الغذائية المهمة.

شجرة الأفوكادو تنمو في الطبيعة البرية (بيكسلز)

وجبة للحيوانات

يعتقد الباحثون أن جنوب وسط المكسيك هو الموطن الأصلي للأفوكادو، وأن تاريخ هذه الفاكهة الكريمية يعود إلى الفترة التي سبقت حياة البشر في الأميركتين، إذ كانت شجرة الأفوكادو تنمو في الطبيعة البرية، وما يسقط من ثمارها تلتقطه الحيوانات الثديية الضخمة والمنقرضة الآن مثل حيوان الماموث وحيوان المدرع والكسلان العملاق.

إعلان

استطاعت تلك الحيوانات التهام ثمار الأفوكادو كاملة، ولكن لحسن الحظ لم تتمكن من هضم بذورها، وأثناء التنقل لمسافات طويلة، يتم إخراج البذور وتصبح جاهزة للإنبات،وهكذا تمكنت شجرة الأفوكادو من البقاء والحفاظ على نسلها في غابات أمريكا الوسطى.

انقرضت تلك الثدييات الضخمة قبل 13 ألف عام، وبطريقة ما نجت أشجار الأفوكادو، وكانت ثمارها بمثابة هدية السماء للقادمين الجدد من البشر على أرض المكسيك وأميركا الوسطى، ولاسيما أنها تعد وجبة مغذية ومشبعة، وبحلول عام 500 قبل الميلاد، بدأ المزارعون الأوائل في زراعة شتلات هذه الشجرة بدلا من ترك الأمر برمته للطبيعة.

الأفوكادو عبر الحضارات

كانت ثمرة الأفوكادو ذات أهمية كبيرة بين السكان الأصليين لأميركا الوسطى، ودخل في التراث الثقافي لحضارات ما قبل كولومبوس مثل حضارة الأزتيك وكارال وموكايا ومايا،وأطلق شعب الأزتيك (حضارة في أميركا الوسطى ازدهرت في وسط المكسيك) على ثمار الأفوكادو اسم "أهواكاتل" والتي تعني في لغة ناهواتل الأزتية "فاكهة الخصوبة".

ربما يعود سبب التسمية إلى مظهر ثمرة الأفوكادو أو إشارة إلى خصائصها المنتشرة بينهم كمنشط جنسي، إذ اعتقدوا أنه يمنح القوة لمن يتناوله، واعتبروا شجرته مقدسة، وفي حضارة المايا، تم تمثيل الشهر الرابع عشر (كانكين) من تقويمهم برمز الأفوكادو،كما دُفن أحد أنجح حكامهم، باكال الأول، في تابوت يضم صورا لأشجار الأفوكادو.

الأفوكادو.. أزمة هوية

شكَل الأفوكادو جزءا مهما من رحلة استكشاف أمريكا الوسطى في القرن السادس عشر، إذ وصل الاستعمار الإسباني إلى شواطيء المكسيك عام 1519، ووثق الأسبان استخدامات الأفوكادو، إذ قدمه السكان الأصليون لحكامهم "كجزية"، واستخدموهكأموال في المعاملات التجارية، وأشاروا كذلك إلى استخدامه كعلف للحيوانات، وعلاج للكدمات وتقصف أطراف الشعر، وفي الطباعة على القماش.

وتشير الدلائل إلى أن الإسبان أحبوا هذه الفاكهة وأعجبوا بنكهتها وأعادوا نشرها في أوروبا وكل الأماكن التي انتقلوا إليها، لكنهم في الواقع لم يتقبلوا اسمها، فقاموا بتعديلالكلمة الأزتكية إلى كلمة أسهل في النطق وهي كلمة "أغواكيت" Aguacate.

إعلان

وفي القرن السابع عشر، تغيَر الاسم مرة أخرى، إذ اشتهر الأفوكادو بين الإنجليز الذين يعيشون في جامايكا باسم "كمثرى التمساح" بسبب المظهر الخارجي للثمرة الذي يشبه جلد التمساح.

لم تكن الأسماء القديمة أو كمثرى التمساح أسماء جذابة تليق بمستقبل هذه الفاكهة، ولهذا بعد نجاح زراعة الأفوكادو في الولايات المتحدة بداية من عام 1833، نجحت جهود تسويقية من قِبل المزارعين الأميركيين وبموافقة وزارة الزراعة الأميركية في أوائل القرن العشرين في تغيير اسم هذه الفاكهة إلى اسمها المعروف حاليا "أفوكادو".

تم الترويج للاسم الجديد في مجلتي "نيو يوركر" و"فوغ" كفاكهة مميزة تليق بالطبقة الأرستقراطية، حتى ترسخت في مخيلة الجمهور لأول مرة كطعام فاخر ومميز، واستمرت الحملات التسويقية على نفس النهج.

بداية من عام 1833، نجحت جهود تسويقية في تغيير اسم فاكهة كمثرى التمساح إلى "أفوكادو" (غيتي إيميجز)

الأفوكادو الدموي

ربطت دراسات عدة بين استهلاك الأفوكادو وبين اتباع نظام غذائي صحي بشكل عام، مما عزز هوس العالم بالأفوكادو وفرض طلب غير مسبوق على مزارعيه في المكسيكالتي تعد أكبر منتج للأفوكادو على مستوى العالم أو كما يطلق عليه مؤخرا "الذهب الأخضر".

خضعت هذه التجارة المربحة لسيطرة متزايدة من قبل عصابات المخدرات المكسيكية،واضطر المزارعون إلى حمل السلاح، وبسبب العنف الذي ولّدته هذه التجارة، والمسافات غير الآمنة التي يقطعها الأفوكادو وصولا الى المستهلك يشير البعض إليه باسم "أفوكادو الدم".

الأفوكادو في النظام الغذائي

هناك العديد من الطرق لإدخال الأفوكادو في النظام الغذائي اليومي، إذ يمكن تقطيع الثمار الناضجة إلى شرائح فوق الخبز المحمص أو في السلطات، وكنكهة للآيس كريم، ويمكن استخدامه بدلا من المايونيز، أو كبديل للزبدة في المخبوزات، ويمكنك شوائه أو قليه أو تحويله إلى كريمة لتزيين الكعك، أو يمكنك ببساطة تقطيعه إلى شرائح، ورش القليل من عصير الليمون الطازج فوقه مع إضافة القليل من رقائق الفلفل الحار المجفف.

إعلان

وتشمل الاستخدامات الأخرى عصر الثمار لإنتاج زيت الأفوكادو، وكذلك يتمتع ببعض الخصائص الطبية، إذ يُعتقد أن الأوراق تعمل كعلاج للإسهال عند غليها، ويستخدم اللب لعلاج الجروح، ويمكن سحق البذور واستخدامها كحشو لآلام الأسنان.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا