Skip to main content

بين الرفض والإجماع على عدم الواقعية.. هكذا رد العالم على تصريحات ترامب

06 شباط 2025
https://qudsn.co/photo_5848050977045857471_y

شبكة قدس الإخبارية: أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن عزم واشنطن بسط سيطرتها على قطاع غزة، بعد تهجير الفلسطينيين منه، ردود فعل حادة ورافضة للخطة، وسط تحذيرات من غزو أميركي لقطاع غزة.

وقال ترامب في تصريحاته الجديدة إنه يتطلع إلى أن تكون للولايات المتحدة "ملكية طويلة الأمد" في القطاع، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتولى السيطرة على قطاع غزة، وستقوم بمهمة فيه أيضا، على حد قوله.

وزعم ترامب في تصريحاته أنه سيقدم خطة تنمية اقتصادية (في القطاع) تهدف إلى توفير عدد غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة، في محاولته لإخفاء جوهر التصريحات وهو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

استحالة التطبيق

لم يقتصر صدى تصريحات ترامب الأخيرة بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة على الصعيد المحلي والإقليمي فحسب، بل تردد على صعيدٍ عالمي، في حين أجمعت كافة ردود الفعل على رفض التصريحات بشكلٍ قطعي، ووصفها بالغير واقعية.

في مقالٍ نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، اتهمت به ترامب بشكلٍ ضمني بالتناقض بين دعايته الانتخابية التي روج لها فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبين سياسته الدارجة بعد تنصيبه رئيساً على الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بنى حملته الانتخابية على أساس تقليص دور أميركا في الخارج، ولكن منذ تولّيه منصبه، صاغ رؤية عالمية توسّعية بدلاً من الانعزالية، وفق ما جاء في المقال.

وقالت الصحيفة "إنّ السيطرة على المنطقة المتنازع عليها بشدّة من شأنها أن تضع الولايات المتحدة في قلب أكثر الصراعات الدبلوماسية والأمنية تعقيداً في العالم، مما يثير احتمال أنّ ترامب يسجّل البلاد في النوع نفسه من التورّط الأجنبي الذي أخبر الناخبين أنه سيتجنّبه"، مشيرةً إلى خطورة زج الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة التي شهدت أشد المعارك تعقيداً وهي قطاع غزة.

وفي مقالٍ آخر، وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية خطة ترامب بالغير واقعية، بينما وصفت الإعلان عن تهجير سكان غزة بأنه "استفزازياً، ومثيراً للاهتمام، وغريباً، ومثيراً للغضب وليس رئاسياً على الإطلاق".

وأضافت الصحيفة أن ترامب في جولته الرئاسية الثانية، يقدم أفكاراً أكثر وقاحة حول إعادة رسم خريطة العالم.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن فكرة ترامب ستكون "الالتزام الأوسع للولايات المتحدة الأمريكية والثروة في الشرق الأوسط منذ غزو العراق وإعادة إعماره قبل عقدين من الزمان" في إشارة إلى حجم التكلفة التي تفرضها الخطة على أمريكا.

من جانبها، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، "إنّ أيّ نقل، قال ترامب إنّه قد يكون مؤقتاً أو دائماً، من شأنه أن يفجّر المنطقة، نظراً لتاريخ النزوح الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي لغزة الذي دام عقوداً من الزمان، حيث لا يثق الفلسطينيون ولا الزعماء العرب المجاورون في قدرة إسرائيل على السماح للفلسطينيين بالعودة إلى غزة إذا غادروها. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي في مصر والأردن، حيث يخشى القادة أن يقابل أيّ تدفّق للفلسطينيين بغضب حادّ بسبب ظهور التعاون مع إسرائيل"، إشارة إلى خطورة عملية التهجير.

انتقدت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الحقوقيتان بشدة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نقل الفلسطينيين من غزة، ووصفتاه بأنه يشكل جريمة حرب وتطهيرا عرقيا.

وقالت منظمة العفو الدولية إن المقترح "مثير للغضب ومشين ومخز" ويشكل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي"، وإنه قد يشكل جريمة ضد الإنسانية.

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار إن "أي خطة لترحيل الفلسطينيين قسرا خارج الأراضي المحتلة ضد إرادتهم تعد جريمة حرب".

وفي بيان دعت المنظمة إلى "إدانة تصريحات الرئيس ترامب التي تدعو إلى النقل القسري للفلسطينيين من قطاع غزة المحتل بشكل لا لبس فيه وعلى نطاق واسع". وقالت إن لغة المقترح "تحريضية وفاضحة ومخزية"، وإنه المقترح "يرقى إلى انتهاك صارخ للقانون الدولي".

وأضافت أن "أي خطة لترحيل الفلسطينيين قسرا خارج الأراضي المحتلة ضد إرادتهم هي جريمة حرب، وعندما تُرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي على السكان المدنيين، فإنها تشكل جريمة ضد الإنسانية".

وشددت على أن "تعليقات الرئيس ترامب تحط، بشكل خطير، من قدر الفلسطينيين الذين كانوا خلال الأشهر الـ16 الماضية ضحايا للإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، ويعيشون منذ عقود تحت الاحتلال غير القانوني وفي ظل الفصل العنصري".

وتابعت أن معظم فلسطينيي غزة أبناء ناجين من نكبة عام 1948، "وقد تم اقتلاعهم وطردهم مرارًا وتكرارا من قبل إسرائيل وحرمانهم من حقهم في العودة، ومع ذلك استمروا في النضال من أجل البقاء على أراضيهم والدفاع عن حقوقهم الإنسانية".

من ناجيتها، قالت هيومن رايتس ووتش إنه إذا نُفذ المقترح بشأن "سيطرة" الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل السكان الفلسطينيين منه، "فإن ذلك سيرقى إلى تصعيد خطير للنزوح القسري والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين في غزة".

وأضافت أن "القانون الإنساني الدولي يحظر التهجير القسري الدائم لسكان الأراضي المحتلة، ويرقى إلى جريمة حرب عندما يُنفّذ بقصد إجرامي. إذا نُفّذ التهجير القسري ضمن هجوم واسع أو منهجي ضد سكان مدنيين بطريقة تعكس سياسة دولة فهو يشكل جريمة ضد الإنسانية".

واتهمت المنظمة سلطات الاحتلال بخلق ظروف معيشية محسوبة لتدمير جزء من السكان الفلسطينيين في غزة بسبل منها حرمانهم عمدا من الغذاء والماء وباقي المستلزمات الكفيلة ببقائهم، مما يشكل جريمة ضد الإنسانية متمثلة في الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية.

وحثت المنظمة حكومات العالم على "الإجماع على التعبير بوضوح عن معارضتها القوية لدعوة ترامب إلى التهجير القسري في غزة والعمل على تجنب المزيد من الفظائع ضد الشعب الفلسطيني".

رفض محلي وعالمي

جاءت تصريحات ترامب بعد أن أثبت الفلسطينييون في قطاع تشبثهم في أراضيهم ورفضهم للتهجير خلال 15 شهراً من حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال عليهم بغطاءٍ أمريكي كامل، وتجسد ذلك بعدوتهم إلى منازلهم المدمرة في منطقة شمال القطاع بعد محاولات الاحتلال الحثيثة لإحكام السيطرة عليه، وفرض واقائع استيطانية كـ"خطة الجنرالات" التي كُسرت في صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته.

في حين تلقت تصريحات ترامب ردود فعلٍ عالمية أجمعت على  رفضها وعدم واقعيتها، بل ذهبت بعض الأطراف من خطورة الموقف الذي يضع ترامب أمريكا بداخله.

وقال السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور، إن على زعماء العالم وشعوبهم احترام رغبة الفلسطينيين بالبقاء في غزة.

وأضاف "وطننا هو وطننا، وإذا دمر جزء منه (قطاع غزة) فإن الشعب الفلسطيني اختار العودة إليه، و"أعتقد أن على القادة والناس احترام رغبة الشعب الفلسطيني".

ولفت إلى أنه بالنسبة لأولئك الذين يريدون إرسال الفلسطينيين "إلى مكان سعيد وجميل، دعوهم يعودون إلى منازلهم الأصلية داخل الأراضي الفلسطينية التي احتلها الاحتلال عام 1948، يوجد هناك أماكن جميلة، وسيكونون مسرورين بالعودة إلى هذه الأماكن".

وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين،  إن "مواقف ترامب ومخططاته لتوسيع مساحة الاحتلال الصهيوني على حساب شعوب أمتنا، وتهجير أهالي غزة، وإنهاء وكالة الأونروا، ودعم الحصار والجرائم التي يرتكبها الاحتلال في الضفة وغزة، هي تصعيد خطير يهدد الأمن القومي العربي والإقليمي، خاصة في مصر والأردن، اللتين تريد الإدارة الأمريكية أن تضعهما في مواجهة الشعب الفلسطيني وحقوقه".

وأبدت مجموعة من الدول رفضها الواسع لتصريحات ترامب، حيث قال رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش، إن خطة ترامب بشأن غزة غير مقبولة "فالقطاع ملك للفلسطينيين وسيبقى جزءا من فلسطين إلى يوم القيامة".

وأضاف في كلمة خلال فعالية بالعاصمة التركية أنقرة أن "استقبال ترامب للمدعو نتنياهو المتهم أمام القانون الدولي، وكأنه ملك يشكل جرحا غائرا في ضمير الإنسانية".

وشددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، على أن قطاع غزة يعود إلى الفلسطينيين، قائلة: "هناك شيء واحد واضح، غزة ملك للفلسطينيين، تماما مثل الضفة الغربية والقدس الشرقية. وتشكل هذه الأراضي نقطة البداية للدولة الفلسطينية المستقبلية".

وأضافت في بيان بعد تصريحات ترامب، أن "نفي السكان المدنيين الفلسطينيين من غزة ليس فقط غير مقبول، ولكنه أيضا مخالف للقانون الدولي"، محذرة من أن أي محاولة للتهجير القسري للفلسطينيين ستؤدي إلى "معاناة وأحقاد جديدة"، وفقا للأناضول.

وأشارت بيربوك إلى أن مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أعلنت بوضوح منذ البداية أنه لا ينبغي ترحيل السكان المدنيين في غزة ولا ينبغي احتلال القطاع بشكل دائم، مؤكدة أنه "لا يمكن أن يكون هناك حل لا يشمل الفلسطينيين".

شددت وزارة الخارجية الفرنسية على أن التهجير القسري للفلسطينيين من غزة سيشكل عقبة خطيرة أمام حل الدولتين وسيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها.

وقالت الوزارة في بيان إن "أي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة سيكون انتهاكا للقانون الدولي واعتداء على المطالب المشروعة لهم"، مؤكدة أن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يوفر الأمن والسلام".

وأدان رئيس الوزراء الاسكتلندي جون سويني تصريحات ترامب بشأن الاستيلاء على قطاع غزة، وقال إنه "بعد أشهر من العقاب الجماعي في غزة ومقتل أكثر من 40 ألف شخص، فإن أي مقترح لتهجير الفلسطينيين من منازلهم أمر غير مقبول وخطير".

وشدد سويني في تدوينة عبر حسابه على منصة "إكس"، على معارضته التطهير العرقي بحق سكان قطاع غزة.

ورفض رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز التعليق على تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحفي في العاصمة كانبيرا.

وأضاف: "دعونا إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، وإيصال المساعدات إلى غزة. وأستراليا مستعدة لدعم إيصال المساعدات إلى غزة".

وشددت وزارة الخارجية الصينية على معارضة بكين لتصريحات ترامب شأن الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير سكانه إلى دول أخرى.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين سيين، "نعتقد أن الحكم الفلسطيني لفلسطين يجب أن يكون مبدأ أساسيا للحكم بعد الحرب" الإسرائيلية على قطاع غزة، مشددا على أن الصين تعارض جعل الفلسطينيين في غزة هدفا للتهجير القسري.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا