
خاص - شبكة قدس الإخبارية: أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء أمس الثلاثاء، أنها جاهزة سياسيا وميدانيا لتنفيذ بنود المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تزامنا مع قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو البدء رسميا بمفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق.
وكان رئيس حركة حماس في قطاع غزة خليل الحية قد أعلن في وقت سابق، أن الحركة قررت تسليم ستة أسرى من أسرى الاحتلال الأحياء السبت المقبل، وأربع جثث الخميس المقبل، ضمن المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
يأتي القرار بعد إتمام ست دفعات من صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال على مدار شهر كامل بعد تحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي بدأ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، حيث يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، فلماذا أبدت المقاومة استعدادها لدمج دفعات التبادل؟
الاحتواء والمكاسب
في حديثٍ خاص لـ"قدس الإخبارية"، أجاب الكاتب والمحلل السياسي أحمد طناني، أن الأساس في قرار المقاومة، هو الاستجابة لجهود الوسطاء لاحتواء احتمالات التوتر التي قد تنتج نتيجة التعنت والمماطلة الإسرائيلية في الالتزام ببنود الاتفاق وخصوصًا البروتوكل الإنساني.
وأضاف طناني أن المقاومة فعليًا عقدت صفقة داخل الصفقة، تقضي بموجبها بأن يلتزم الاحتلال بتنفيذ البروتوكل الإنساني وخصوصًا البدء بدخول الآليات والكرفانات، إضافة لالتزام الوسطاء بالبدء الفعلي بمفاوضات المرحلة الثانية، وهو ما أعلن عنه فعليًا وزير خارجية الاحتلال، ويبدو واضحًا من تشكيل حكومة الاحتلال لوفدها الجديد المنوي إرساله لمفاوضات المرحلة الثانية.
وأفاد أن هناك الكثير من عوامل التفجير التي تهدد المرحلة الثانية، خصوصًا مع الاشتراطات الجديدة للاحتلال التي في جوهرها تمثل عملية إفشال مسبق للمفاوضات.
وعن الموقف الأمريكي المتمثل بالرئيس ترامب، قال طناطني إن الموقف الأمريكي هو الحاسم في الدفع باتجاه استكمال المرحلة الثانية من عدمه، وبناء عليه فإن تصريحات ترامب المستمرة التي تستهدف المقاومة وتنهال عليها بالتهديدات والحديث عن التهجير لأهالي قطاع غزة وإفراغه من سكانه، يعطي الاحتلال المادة اللازمة للتصعيد وإفشال المفاوضات عبر تصعيد الاشتراطات وتحميل المقاومة المسؤولية، مما يؤمن لنتنياهو استقرار في ائتلافه الحكومي الذي يهدد سموتريتش باسقاطه في حالة الذهاب للمرحلة الثانية، ويضمن استمرار الدعم الأمريكي والتكامل مع موقف إدارة ترامب.
وأكد أن هناك العديد من المتغيرات لازالت حاسمة ومحورية، بما فيها المتغير المرتبط بالموقف العربي وما سينتج عن القمة العربية، ففي حال أجمعت الدول العربية على مسار حقيقي وفعلي مرتبط باليوم التالي في قطاع غزة وإعادة الإعمار، يمكن أن يُشكل هذا مدخل لإحداث تغييرات في مواقف إدارة ترامب تُعزز من دفعها باتجاه الضغط على حكومة الاحتلال لاستكمال مراحل التهدئة.
وعن مسارات المقاومة لمواجهة الضغوطات الأمريكية وانتهاكات الاحتلال، أفاد طناني أن المقاومة ستبذل كل الجهد اللازم لإطالة أمد الهدوء والضغط على الوسطاء لإلزام الاحتلال باستكمال مسار التهدئة وفقًا للضمانات التي قدمها هؤلاء الوسطاء بما فيهم الإدارة الأمريكية على أن المسار الحالي هو مسار لوقف مستدام لإطلاق النار.
وفي حال استمر الاحتلال في الإصرار على نهج التصعيد والعودة للمواجهة، أشار إلى أن المقاومة لا تمتلك إلا خيارات سوى الصمود والمواجهة الدفاعية ضد الاعتداءات الاسرائيلية، وهو ما يقوم على قاعدة إجهاض أهداف الاحتلال وإفشال خططه العسكرية والسياسية.
مكاسب ميدانية
في حديثٍ آخر، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق لـ"قدس الإخبارية" إن ما طرحته المقاومة هو تعديل ضمني لنص وشكل الاتفاق الذي تم بلورته في شهر كانون ثاني/يناير الماضي، لتحقق المزيد من المكاسب التي تريدها، بعيداً عن مسميات المراحل، فيما يكسب نتنياهو فرصة لإنقاذ حكومته من الإنهيار.
وأكد القيق أن مراحل الصفقة ستتم ولن يكون هناك، لأن الاحتلال لا يملك أهدافاً أمنية في قطاع غزة ليستطيع تحقيقها وكسبها، فيما تتحرك المجريات الميدانية بشكلٍ إيجابي لصالح المقاومة.
في سياق منفصل، قال الناطق باسم كتائب المجاهدين؛ أبو بلال، اليوم الأربعاء، إن ضمن إطار المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية سيتم غدا الخميس تسليم جثامين عائلة بيباس، والذين تم أسرهم على يد مجموعة من مجاهدي كتائب المجاهدين في 7 أكتوبر 2023 وتم الحفاظ عليه ومعاملتهم الحسنة وفق تعاليم الإسلام الحنيف قبل أن يتم قصفهم بصواريخ الاحتلال ومقتلهم واستشهاد المجموعة الآسرة، وقد حافظت الكتائب على جثامين العائلة طوال مراحل الحرب حتى تاريخ التسليم.
في المقابل، تتفاقم المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، تلكؤ الاحتلال بتنفيذ البروتكول الإنساني وإدخال المساعدات، حيث تعاني المستشفيات من نقص شديد في الأدوية والأوكسجين، وذلك بعد تدمير جيش الاحتلال للمحطات المركزية للتزود بالأوكسجين.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن "المحطات المدمرة وعددها عشرة كانت تلبي احتياج الأقسام الحيوية من الأوكسجين كالعمليات والعناية المركزة والطوارئ وحضانات الأطفال، إضافة الى احتياج المرضى في المنازل".
وأفاد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، إن قطاع غزة يحتاج إلى 500 آلية ثقيلة والنقص الحاد فيها سبّب أزمة إنسانية خانقة، فيما لم يسمح الاحتلال إلا بدخول 6 معدات فقط إلى القطاع بعضها صغير والبعض الآخر متعطل.
وتابع الناطق باسم مكتب الإعلام الحكومي إسماعيل الثوابتة قائلاً: "هذا السلوك يعكس حالة الاستهتار تجاه المعاناة والأزمة الإنسانية في قطاع غزة"، مؤكدا أن القطاع يواجه "أزمة إنسانية خانقة نتيجة النقص الحاد في المعدات والآليات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وفتح الطرق ورفع الأنقاض لانتشال جثامين آلاف الشهداء".
وشدد على أن إدخال تلك الآليات يعكس "تعنت الاحتلال وانتهاجه سياسة لاإنسانية تهدف إلى تعميق الأزمة الإنسانية وتعطيل جهود الإغاثة وإعادة الإعمار".
وفي تنويه سابق، ذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن "ما دخل حتى اللحظة عدد محدود جدا من الجرافات، وبقدر ما يمثله دخولها من أهمية بكسر فيتو الاحتلال، فإنها أقل بكثير مما يحتاجه قطاع غزة كما ونوعا، ونأمل أن تسير وتيرة إدخال بقية الدفعات بشكل أسرع".
وأضاف بأنه "ليس المطلوب دخول الجرافات فقط وإنما الاحتياج والبروتوكول في هذه المرحلة ينص على إدخال 500 آلية تتنوع بين الجرافات وشاحنات النقل والحفارات والباجرات والكسارات الهيدروليكية للتعامل مع الكتل الخرسانية الكبيرة لتصبح سهلة النقل".
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا