هكذا رد أهالي السويداء على تصريحات نتنياهو بشأن حمايتهم

السويداء- توافد العشرات من أبناء محافظة السويداء صباح اليوم إلى ساحة الكرامة وسط المدينة، تلبية لدعوة ناشطين للتظاهر احتجاجا على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ما يتعلق بجنوب سوريا وبالسويداء خصوصا.
ودعا المتظاهرون إلى رفض مشاريع التقسيم والانفصال التي يتم الترويج لها مؤخرا، ومن بينها المجلس العسكري في السويداء، ورفعوا لافتات تدل على موقف رافض لتدخل نتنياهو بشؤونهم وتؤكد على وحدة سوريا، وكتب عليها عبارات مثل "عرابو التقسيم خسئتم سوريا موحدة" و"الهوية سوريّة والعاصمة دمشق" و"السويداء لن تكون خنجركم المسموم بظهر سوريا" و"لا يمكن للمحتل حماية شعب أصيل".
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد استقبل وفدا من دروز السويداء يوم أمس، ضم الشيخ سليمان عبد الباقي، والشيخ ليث البلعوس، وآخرين، واستمع إلى مطالبهم ووعد بتغيير واقع المدينة الخدمي والإنمائي، وأكد بأن السويداء جزء لا يتجزأ من سوريا.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد قال خلال تخريج دفعة جديدة من قوات المشاة الإسرائيلية، الأحد، إنه "لن يسمح لقوات هيئة تحرير الشام، أو الجيش السوري بدخول الأراضي السورية الواقعة جنوب دمشق"، وذكر أن "إسرائيل لن تتوانى عن حماية دروز السويداء من أي تهديد".
إعلانأصوات معتدلة
أبدى الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل دروز السويداء، الكثير من التريّث حيال التعليق على تصريحات نتنياهو الأخيرة، وقال للجزيرة نت "نحن ندرس الوضع لنرى كيف سيكون الرد، ولا نريد أن نتسرع كثيرا في قراءتنا لتلك التصريحات، من أجل أن يكون ردنا جماعيا وشاملا".
وعلمت الجزيرة نت، أن تنسيقا حثيثا جرى بين مشايخ العقل الثلاثة حكمت الهجري، وحمود الحناوي، ويوسف جربوع، في السويداء، من أجل الخروج بتصريح موحد، ومتفق عليه فيما بينهم، ولا يكون استفزازيا لأحد.
وامتنع محافظ السويداء مصطفى بكور من الإدلاء بأي تصريح، وقال للجزيرة نت إن "التصريحات السياسية هي من اختصاص وزير الخارجية أو رئيس الحكومة، وهو غير مخوّل بها".

من جهته، يعتبر حمزة دليقان -أحد أعضاء تجمّع المحامين الأحرار في السويداء- أن تصريحات نتنياهو "فيها قسط وافر من الاعتداء على السيادة الوطنية"، ويقول للجزيرة نت "يجب أن يكون ردنا من خلال الحكومة، وليس من قبل المواطنين، وهذا مُناط بالسيد الشرع، وبالحكومة المؤقتة".
كما قال مفيد أبو عمار -عضو الهيئة العامة لحراك السويداء- المكتب الإداري للجزيرة نت إن تصريحات نتنياهو "تندرج بما يخدم مصلحة بلاده، أما نحن فوطنيون، ونخاف على تراب وطننا بامتياز، ولا ننتظر منحنا أي صك بالوطنية من أيّ جهة كانت، والتاريخ يشهد لنا بذلك، وأعتقد أن تصريح نتنياهو هدفه زرع الفتنة بين مكونات الشعب السوري الواحد".
وترى الناشطة الحقوقية راوية علبة في تصريحات نتنياهو "الكثيرَ من الخبث والهمجية، وتقف وراءها أطماع واضحة بالتوسع على حساب الأراضي السورية"، وتضيف في حديثها للجزيرة نت "إنّ استخدام ورقة حماية الدروز في السويداء تبدو كذريعة فاشلة، لأن الدروز مكوّن سوري، وواجب حمايته يقع على كاهل الدولة السورية، وليس من مسؤوليات الخارج".
إعلانكذلك اعتبرت أن على الدولة السورية أن تأخذ دورها، وتثبت للدروز بأنها قادرة على اعتبارهم شركاء لها، وأن تدافع عن المكونات السورية"، مؤكدة أن بلوغ ذلك "مرتبط بالإسراع في بناء الدولة السورية، والتفاهم بين دمشق والسويداء، وضم الفصائل المسلحة إلى جيش وطني سوري بامتياز".
وأكدت الناشطة أن الرأي العام في السويداء "يتفق مع بناء الدولة، ويرفض تدخل إسرائيل، كما يرفض أي تدخل خارجي، ويعتبر أن الدروز مواطنون سوريون وليسوا أقلية، وهذا يستوجب السعي لإلغاء فكرة الأقليات والأكثرية".
ويتجه عضو اللجنة السياسية في حراك السويداء صالح علم الدين في تصريحه للجزيرة نت، نحو وجوب أن تكون الحكومة السورية المؤقتة هي المعنية بالرد على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي "الذي لا يريد فصائل مسلحة سلفية قرب حدود بلاده" حسب وصفه.
مبادرة أم انفصال؟
وتُبدي قوى سياسية وعسكرية محلية في السويداء قلقا من بعض ممارسات حكومة دمشق الحالية، ويقول سمير شرف الدين، وهو ضابط سابق، ومن مؤسسي المجلس العسكري في السويداء للجزيرة نت إن "من واجب الحكومة الانتقالية أن تردّ على تصريحات نتنياهو بنفسها، ولا يُطلب من أبناء الجنوب أن يردّوا على تلك التصريحات".
ويضيف شرف الدين "لا يوجد لدينا حكومة وطنية كاملة الصلاحيات على كامل التراب السوري، ونحن لا نتفق مع أجندة الحكومة المؤقتة الحالية في تمكين الأجانب من المراكز العامة، ومن فصائلها العسكرية، لذلك سنتّجه إلى حماية أرضنا وعرضنا وأهلنا، وحماية الحدود المشتركة مع دول الجوار".
كما اعتبر في حديثه أنهم كضباط صف وضباط وعناصر من المتقاعدين والمنشقّين عن جيش النظام السابق، ومن الذين انفكوا عن الجيش بعد سقوط النظام، يؤمنون بأن وطنهم الأم هو سوريا، وأن بوصلتهم هي الوطن بكليته.
لكنه يعقب أنهم يرون "حتى اكتمال الحالة الوطنية، ويتم إقرار دستور للبلاد، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وانعقاد مؤتمر وطني يجمع أبناء الوطن، وتحقيق مطالب فصل الدين عن الدولة، وتطبيق العلمانية، والديمقراطية، واللامركزية، سنكون مضطرين أن نحمي السويداء بأنفسنا، وهذه هي مبادرة المجلس العسكري ضمن الحالة الانتقالية التي تعيشها البلاد".

في حين يذهب بهاء الجمّال، قائد أحد فصائل غرفة عمليات معركة الحسم، وغرفة إدارة العمليات العسكرية، إلى أبعد من ذلك في تصريحه للجزيرة نت حول ما ذكره نتنياهو، قائلا إن تلك التصريحات تخدم مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى، "وهذا أمر واضح، ومن الطبيعي أن تتجه إسرائيل لحماية حدودها" حسب قوله.
إعلانوأضاف متحدثا عن الطائفة الدرزية في السويداء "إنها تحجّمت مرّات عديدة من قبل سلطات الأمر الواقع، ولطالما جرى اتهامها بالعمالة، في وقت قدّمت فيه دول الخليج خلال سنوات الثورة السورية ضد الأسد الدعم المادي للثوار السنة، ووجدنا كيف دعمت إيران بصورة مماثلة الشيعة، والنظام السوري ذا البنية الطائفية".
معقبا "أما السويداء فتنظر بكثير من الارتياب لأداء حكومة دمشق، التي تعتمد على شخصيات محلية لا تمثّل كافة المكونات السياسية والاجتماعية في المحافظة، وتهمّش شخصيات أخرى، وتعمل على إقصائها، الأمر الذي يجعلنا لا نستبعد قيام تحالف مع إسرائيل، ونؤيد حمايتهم لنا بحال تعرضنا لأي اعتداء".
ويمكن الاستدلال على وجود خيبة وترقب داخل الفضاء العام لدروز السويداء، حيث تعتقد الناشطة السياسية المستقلة راقية الشاعر أن تصريحات نتنياهو لم تكن الأولى من مسؤول إسرائيلي بما يخص الجنوب السوري، ولن تكون الأخيرة، "وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الملف السوري بات خارج إرادة السوريين بالمطلق، وأن دولا متعددة تتحكم به، وتعمل على توجيهه" حسب وصفها.
وتضيف للجزيرة نت: "لكن المستهجن هو الطلب من أهالي السويداء تحديدا أن يردّوا على تصريحات نتنياهو، من دون مطالبة أهالي محافظتي درعا أو القنيطرة بالرد على تلك التصريحات أيضا".
معتبرة أنه "منذ اللحظة التي تم فيها تسليم سوريا للجولاني، دأبت إسرائيل وبشكل يومي تقريبا على التوغل بالجنوب السوري، وتثبيت نقاط ارتكاز لها، وبثت مشاهد لتواجدها في جبل الشيخ، فلم يخرج أي تصريح أو تنديد أو استنكار من السلطة صاحبة شعار من يحرر يقرر، وكأن مسلسل الاحتفاظ بحق الرد قد عاد بجزئه الثاني، إلا أن الممثلين قد تغيروا" حسب قولها.