3 عوامل دفعت ترامب لاتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين

واشنطن- فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأوساط السياسية في واشنطن بإعلانه عن اتفاق مع جماعة الحوثيين لوقف الضربات العسكرية الأميركية على اليمن، في خطوة وُصفت بأنها سريعة وغير متوقعة.
وأعلن ترامب أول أمس الثلاثاء وقف العمليات العسكرية ضد الحوثيين مقابل التزام الجماعة بعدم استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، وهو ما اعتبرته الجماعة "انتصارا"، مؤكدة في الوقت ذاته أن استمرار استهداف السفن الإسرائيلية خارج نطاق الاتفاق.
وقال ترامب إن "الحوثيين قالوا البارحة إنهم لم يعودوا يريدون القتال، وهذه أخبار جيدة"، في حين أعلنت سلطنة عمان لاحقا أنها لعبت دور الوسيط بين الطرفين للتوصل إلى هذه النتيجة".
أهداف غير محققة
وكان ترامب قد أطلق في 15 مارس/آذار الماضي أكبر حملة عسكرية في ولايته الجديدة ضد الحوثيين أسفرت عن مقتل مئات المدنيين وتدمير أجزاء واسعة من البنية التحتية في اليمن، بحسب تقارير عسكرية أميركية أكدت استهداف أكثر من ألف موقع واغتيال عدد من قادة الجماعة.
لكن على الرغم من الحملة المكثفة فإن العملية لم تحقق هدفها المعلن المتمثل في "استعادة حرية الملاحة الدولية"، وفق تصريحات للجيش الأميركي.
وعلّقت شركات شحن عالمية عملياتها في البحر الأحمر بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو ما اعتبرته الباحثة في معهد كوينسي للشؤون الخليجية آنيل شلين فشلا إستراتيجيا لواشنطن في تحقيق هدفها.
إعلانوأوضحت شلين في حديثها للجزيرة نت أن "الاتفاق مع الحوثيين جاء مدفوعا بـ3 دوافع رئيسية":
- الاستجابة لمطالب خليجية ورغبة ترامب في تهدئة التوترات مع الحوثيين قبل جولته المرتقبة في منطقة الخليج، حيث يحتاج السعوديون إلى استقرار البحر الأحمر لإنجاح رؤية 2030 الاقتصادية.
- تسهيل المحادثات مع طهران: يوفر الاتفاق بيئة أقل توترا للمفاوضات النووية الأميركية الإيرانية، ولا سيما بعد استبعاد مستشار الأمن القومي مايكل والتز بسبب تقاربه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
- القلق من قدرة الحوثيين: تسبب صاروخ حوثي سقط قرب مطار بن غوريون وتجاوز نظام "ثاد" الدفاعي الأميركي في إرباك واشنطن، مما عجّل بالسعي نحو التهدئة.
زيارة مفصلية للخليج
وتأتي هذه التطورات قبيل زيارة ترامب المقررة إلى السعودية والإمارات وقطر خلال أسبوع، في خطوة وصفها محللون بأنها ستكتسب زخما أكبر بعد وقف الضربات.
واعتبر جودت بهجت أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون أن وقف الهجمات "يمنح ترامب فرصة الظهور بمظهر الرئيس القوي، ويخفف الغضب الشعبي الخليجي تجاه الضربات الأميركية التي استهدفت مدنيين يمنيين".
من جهته، رأى الباحث الإستراتيجي جورجيو كافيرو مدير مؤسسة "دراسات الخليج" أن الرياض "ستشعر بالارتياح" حيال الاتفاق، لأنه "يخفف التوترات في اليمن ويحقق الاستقرار في البلاد، وهو ما يتماشى مع سعي المملكة لإنجاح خطط التحول الاقتصادي ضمن رؤية 2030".
حسابات ترامب الإقليمية
وأشار كافيرو في حديثه للجزيرة نت إلى أن ترامب لا يريد أن تقترن ولايته الثانية بتورط عسكري جديد في الشرق الأوسط، قائلا إن "إدارة ترامب تفضل تركيز جهودها على مواجهة الصين بدلا من الانخراط مجددا في صراعات المنطقة".
وأضاف أن "الحوثيين لم يظهروا تراجعا ملحوظا نتيجة القصف، لكنهم تعرضوا لخسائر في الترسانة والأسلحة، وهو ما قد يكون دفعهم إلى القبول باتفاق التهدئة الذي رعته سلطنة عمان".
إعلانومع ذلك، شدد كافيرو على أن "الاتفاق يشمل فقط الولايات المتحدة والحوثيين، ولا يشمل إسرائيل، مما يعني أن المواجهات بين الطرفين ستستمر طالما استمرت الحرب في غزة".
كما أشار إلى أن الاتفاق قد يسهم في تحسين الأجواء للمفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، فيما وصفها بمحاولة للوصول إلى نسخة جديدة من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة 2.0)، مع إمكانية تقليص التوترات في ملفات أخرى غير نووية.
اتفاق غامض وأهداف غير معلنة
ورغم الترحيب الحذر بالاتفاق فإن بهجت شكك في تفاصيله، مشيرا إلى أن الحوثيين لم يعلنوا رسميا وقف استهداف السفن الإسرائيلية.
وأوضح أن "ترامب يريد إثبات نجاحه مقارنة بسلفه جو بايدن في وقف هجمات الحوثيين، خاصة أن حرية الملاحة تمثل أولوية اقتصادية قصوى للولايات المتحدة والعالم".
وفي سياق متصل، أكد بهجت أن لإيران تأثيرا محدودا على قرارات الحوثيين، لكنه رأى أن التصعيد الأخير وفر "فرصة لإيجاد بيئة أقل توترا للمحادثات الأميركية الإيرانية"، مشيرا إلى أن الإعلام العربي والإيراني رحب بالاتفاق، في حين بدت إسرائيل "مهمشة وغير راضية" عن هذه التطورات.
أما الباحثة آنيل شلين فرأت أن اتفاق التهدئة مع الحوثيين "يعكس رغبة ترامب في إنجاح المفاوضات مع طهران حتى إن كانت على حساب موقف إسرائيل"، معتبرة أن "ترامب مستعد لتقديم المصلحة الأميركية على حساب رغبات نتنياهو، وهو تحول لافت في نهج التعامل مع ملفات الشرق الأوسط".