Skip to main content

محادثات أميركية صينية.. حوار متأخر ومجابهة اقتصادية عنيفة

10 أيار 2025

محادثات أميركية صينية.. حوار متأخر ومجابهة اقتصادية عنيفة

الحرب التجارية بين بكين وواشنطن تمثل أحد أبرز تحديات الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن (أسوشيتد برس)
10/5/2025

بعد أسابيع من التصعيد الخطابي المتبادل، الذي سعى فيه كل طرف لتصوير الآخر على أنه الأضعف والأكثر حاجة للاتفاق، بدأت في جنيف أولى المحادثات التجارية رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة والصين، في لحظة يتقاطع فيها الضغط الاقتصادي الداخلي مع اعتبارات السياسة الخارجية لكلا الجانبين.

ورغم أجواء التحدي الظاهرة، تشير المعطيات إلى وجود رغبة متبادلة في كسر الجمود، دون أن يبدو أي طرف وكأنه تراجع.

ويوضح ستيفن أولسون الزميل الزائر في معهد "يوسف إسحاق" والمفاوض التجاري الأميركي السابق أن "المحادثات تنطلق الآن لأن الجانبين يعتقدان أنه بإمكانهما التحرك دون أن يُفهم الأمر كخضوع للآخر".

ويرأس الوفد الصيني خه لي فنغ نائب رئيس مجلس الدولة، في حين سيكون على رأس الوفد الأميركي وزير الخزانة سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير.

وأمس الجمعة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إمكانية خفض الرسوم الجمركية على الصين من 145% حاليا إلى 80%.

وكتب ترامب عبر منصته تروث سوشيال "يبدو أن فرض رسوم جمركية بنسبة 80% على الصين هو المستوى المناسب!".

لقاء جنيف يشكّل اختبارًا حقيقيًا لإرادة الصين والولايات المتحدة في التهدئة وبناء أرضية مشتركة (شترستوك)

وفي هذا السياق، سعت بكين وواشنطن إلى رسم الرواية الخاصة بكل منهما عن خلفيات انطلاق الحوار. فقد شدد المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان على أن المحادثات جاءت بطلب أميركي، بينما وصفت وزارة التجارة الصينية الخطوة بأنها استجابة مباشرة لـ"نداءات الشركات والمستهلكين الأميركيين".

إعلان

وفي المقابل، تبنّى الرئيس الأميركي خطابًا نقيضًا، حين قال من البيت الأبيض إن "الجانب الصيني هو من يريد بشدة إتمام الاتفاق لأن اقتصادهم ينهار" مضيفًا بسخرية "إذا كانوا يقولون إننا من بدأ، فعليهم مراجعة أرشيفهم جيدًا".

ومع اقتراب موعد الاجتماعات، خفف ترامب من نبرته التصعيدية، وقال للصحفيين "من بدأ المكالمة ومن لم يفعل؟ لا يهم.. ما يهم هو ما سيحدث داخل تلك الغرفة".

توقيت محسوب من بكين

ويتزامن انعقاد المحادثات مع زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو حيث شارك في الاحتفال بالذكرى الـ80 للنصر على ألمانيا النازية، ووقف إلى جانب قادة من "الجنوب العالمي" في رسالة ضمنية لإدارة ترامب بأن للصين بدائل تجارية وأنها تسعى للعب دور قيادي عالمي موازٍ.

ويفسر هذا التوقيت، بحسب محللين، بأنه محاولة صينية لـ"إظهار القوة" أثناء التفاوض، خصوصًا مع تراجع مؤشرات التصنيع في البلاد، حيث انخفض النشاط الصناعي في أبريل/نيسان إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، وفق بيانات حكومية.

كما أظهرت دراسة أجرتها صحيفة "كايسن" أن قطاع الخدمات وصل إلى أدنى مستوى له خلال 7 أشهر.

خسائر متبادلة ومخاوف داخلية

في المقابل، لم تسلم الولايات المتحدة من تداعيات الرسوم الجمركية، إذ شهد اقتصادها أول انكماش منذ 3 سنوات، مع تصاعد مخاوف من اضطراب سلاسل التوريد، خصوصًا في الصناعات التي تعتمد على المنتجات الصينية.

الضغوط الداخلية المتزايدة تدفع واشنطن وبكين إلى البحث عن مخرج تفاوضي (شترستوك)

وقال أحد أصحاب شركات الألعاب في لوس أنجلوس لـ"بي بي سي" إنهم "يشهدون انهياراً كاملاً في سلاسل التوريد".

وفي تعليقه على الأثر المتوقع على المستهلك الأميركي، قال ترامب في اجتماع لمجلس الوزراء "قد يحصل الأطفال الأميركيون على دميتين بدلاً من 30، وربما تكلف كل دمية دولارين أكثر مما كانت عليه من قبل".

إعلان

ضغوط داخلية ودولية

وأظهر استطلاع رأي أجرته "بي بي سي" أن أكثر من 60% من الأميركيين يرون أن ترامب يبالغ في التركيز على الرسوم الجمركية، وهو ما تسبب في تراجع شعبيته. وقال أولسون "الأسواق والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص باتت في حاجة ماسة إلى رسالة طمأنة".

ورغم الأمل بانفراجة، فإن التوصل إلى اتفاق شامل لا يزال بعيد المنال. ووفقًا لبيرت هوفمان الأستاذ في معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، فإن اجتماعات جنيف ستكون تمهيدية بالأساس، وربما تسفر فقط عن "تبادل للمواقف" وتحديد جدول أعمال لمحادثات لاحقة.

ويتوقع بعض المحللين أن يسفر هذا المسار عن "صفقة من المرحلة الأولى معززة" تتجاوز اتفاق 2020 الذي أوقف بعض الرسوم لكنه لم يعالج القضايا الأساسية مثل الدعم الحكومي الصيني لقطاعات إستراتيجية.

ويرى أولسون أن الملفات الشائكة -من الاتجار غير المشروع بالفنتانيل إلى علاقات بكين بموسكو- لا تزال بعيدة عن الطاولة في الوقت الراهن، مؤكدًا "الاحتكاكات البنيوية في العلاقات التجارية بين البلدين لن تُحل قريباً، وجنيف ستخرج فقط ببيانات دبلوماسية فضفاضة حول الحوار الصريح والرغبة في مواصلة الحديث.

المصدر : الجزيرة + بي بي سي

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا