Skip to main content

"شام كاش" بين وعود الرقمنة ومعاناة الواقع.. هل خفف التطبيق الأعباء أم زادها؟

13 أيار 2025
مراسلو الجزيرة نت

"شام كاش" بين وعود الرقمنة ومعاناة الواقع.. هل خفف التطبيق الأعباء أم زادها؟

الموظفون بدؤوا باستلام رواتبهم عبر التطبيق (الجزيرة)
13/5/2025

تحت ضغط التدهور الاقتصادي الذي يعيشه المواطن السوري، أطلقت وزارة المالية مبادرة جديدة لتحويل رواتب العاملين في القطاع العام إلى صيغة إلكترونية عبر تطبيق "شام كاش".

المبادرة، التي تُقدَّم بوصفها خطوة في اتجاه "التحول الرقمي" و"تعزيز الشفافية"، أثارت تباينا في ردود الأفعال بين من رأى فيها قفزة تقنية ضرورية، وبين من اعتبرها عبئا إضافيا على كاهل الموظف العادي.

التطبيق بين التسهيل والارتباك

واعتبارا من مايو/أيار 2025، ألزمت وزارة المالية محاسبي الجهات العامة بتحويل الرواتب إلى حسابات مصرفية مرتبطة بتطبيق "شام كاش"، ما يعني أن آلاف الموظفين باتوا مطالبين باستخدام هذه المنصة لاستلام رواتبهم من مراكز الحوالات المتعاقدة، مثل "الهرم" و"الفؤاد"، أو استخدام الأرصدة للدفع الإلكتروني.

بنك شام في إدلب المرتبط بتطبيق شام كاش (الجزيرة)

وقد بدأ بعضهم فعلا باستلام رواتبهم عبر التطبيق منذ أواخر أبريل/نيسان، في حين تمسك آخرون بالطريقة التقليدية بسبب أسباب فنية أو عدم تحميلهم التطبيق.

وتفاوتت ردود الفعل على التجربة بين ترحيب حذر وتحفظات صريحة. فقد رأى بعض الموظفين أن الخطوة من شأنها تقليل الضغط على الصرافات الآلية وتسهيل عملية الوصول إلى الراتب، بينما أبدى آخرون تخوفهم من اقتطاع عمولات أو الوقوع ضحية مشكلات تنظيمية أو ثغرات أمنية رقمية.

إعلان

يقول مصطفى الأحمد، وهو موظف في مديرية التربية، إنه لا يزال مترددا في التعامل مع التطبيق بعد أن تلقى رسائل تحذيرية تفيد بمحاولات لاختراق الحسابات من جهات مجهولة. وأوضح، في حديثه لموقع "الجزيرة نت"، أنه يفضل الطريقة التقليدية لاستلام راتبه في ظل ما وصفه بـ"البيئة غير الجاهزة" لهذا النوع من الخدمات، مشيرا إلى أن غالبية المحال التجارية لا تزال تتعامل نقدا، بينما يقتصر الدفع الإلكتروني على بعض خدمات الإنترنت والكهرباء.

ويضيف الأحمد أن التطبيق توقف عن العمل 3 أيام متتالية نتيجة أعطال تقنية، ما تسبب في حرمان عدد من المستخدمين من سحب رواتبهم خلال تلك الفترة. وأشار إلى أن هناك من يودع في التطبيق مبالغ كبيرة تصل إلى آلاف الدولارات، ما يزيد من قلقهم حول مستقبل أموالهم وأمانها.

صعوبات تقنية وشهادات داعمة

التجربة لم تكن سهلة أيضا لمن واجهوا صعوبات تقنية، خصوصا في المناطق التي تعاني من ضعف في خدمات الإنترنت وشبكات الاتصال، ما يؤثر على كفاءة التطبيق، خاصة في أوقات الذروة. مع ذلك، يعتبره آخرون خطوة نوعية نحو تطوير بنية الدفع الإلكتروني، ويرون فيه أداة لتشجيع المحال التجارية على تبني وسائل دفع غير نقدية.

من جهته، يرى أسامة عثمان، وهو صاحب شركة تجارية، أن التطبيق بات يحظى بثقة متزايدة، وأن الإقبال عليه في ازدياد، معتبرا أن الدفع الإلكتروني قد يتحول خلال أشهر قليلة إلى وسيلة الدفع المفضلة في سوريا. ويضيف أن التطبيق أصبح أكثر أمانا من السابق، ويوفر خدمات مثل التحويل بين المستخدمين من دون أي رسوم، كما يسمح بسحب الأموال من مكاتب الصرافة من دون تكاليف إضافية، إذا اختار المستلم الدفع نقدا.

ويُذكر أن "شام كاش" أُطلق في شمال سوريا قبل عدة أشهر، ويتيح للمستخدمين سداد فواتير الكهرباء والمياه والإنترنت، إضافة إلى الشراء من المطاعم والمتاجر، وتحويل الرواتب والأموال بين الأفراد، من دون فرض أجور على الحوالات المالية. والتطبيق مرتبط بـ"بنك شام"، وهو مؤسسة مالية مقرها إدلب كانت تُعرف سابقا باسم "شركة الوسيط للحوالات المالية"، ويُسمح للمستخدمين بمراجعة البنك في حال تعذر سحب الأموال أو حدوث مشاكل تقنية في التطبيق.

إعلان

جهود تطوير وتحذيرات أمنية

محمد اليوسف، أحد التقنيين العاملين ضمن فريق التطبيق، أوضح في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن العمل مستمر على تطوير ميزات الأمان وسهولة الاستخدام. وتم مؤخرا تحديث التصميم الداخلي للتطبيق، وإضافة شركتي "الهرم" و"الفؤاد" ضمن شبكة السحب، مع تفعيل خيارات أمان متقدمة كإغلاق التطبيق بالبصمة أو رقم سري، بالإضافة إلى ميزات جديدة مثل إخفاء الرصيد، وواجهات استخدام نهارية وليلة، وخيارات لغة متعددة تناسب المستخدمين من غير الناطقين بالعربية.

العمل مستمر على تطوير ميزات الأمان وسهولة الاستخدام (الجزيرة)

ويضيف اليوسف أن العمل جارٍ على تحسين الأداء التقني، لا سيما في المناطق التي تعاني من سوء خدمة الإنترنت، مشيرا إلى وجود خطط مستقبلية لتوسيع قاعدة المستخدمين من خلال زيادة عدد الشركاء التجاريين والخدمات المتاحة عبر المنصة.

لكن في المقابل، أطلق فريق الدعم التقني في التطبيق تحذيرات من محاولات احتيال متكررة، تتمثل في مجموعات وهمية تنتحل صفة "الدعم الفني" على وسائل التواصل الاجتماعي، وتستهدف المستخدمين -خصوصا النساء- بطلب معلومات حساسة مثل البريد الإلكتروني وكلمة المرور، بغرض اختراق الحسابات وابتزاز الضحايا بنشر محتويات خاصة. وشدد الفريق على أن الدعم الرسمي لا يطلب أية معلومات شخصية عبر وسائل التواصل، وأن الجهات التي تقوم بذلك تنتمي إلى شبكات احتيالية يجب الإبلاغ عنها.

المصدر : الجزيرة

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا