Skip to main content

متنفسهم ومصدر رزقهم.. بحر غزة ممنوع على أهلها بأمر من الاحتلال

15 تموز 2025
مراسلو الجزيرة نت

متنفسهم ومصدر رزقهم.. بحر غزة ممنوع على أهلها بأمر من الاحتلال

مدة الفيديو 03 دقيقة 56 ثانية play-arrow03:56ياسر البنا15/7/2025-|آخر تحديث: 11:34 (توقيت مكة)

غزة- يُخيّم صمت ثقيل على امتداد شاطئ قطاع غزة، الذي كان يوما متنفّسا وملاذا من الحرب والحصار، فزوارق الصيادين لم تخرج منذ أيام، والخيام المنتشرة على الرمال، والمأهولة بالنازحين منها يسكنها الخوف وتترقب عدوانا جديدا، أو أمرا بالرحيل.

وأصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح السبت، قرارا يُحظر بموجبه اقتراب الصيادين والسباحين والغواصين من البحر، في خطوة جديدة تُعمّق خنق الحياة في قطاع غزة.

ومن شأن القرار أن يحرم المئات من صيادي الأسماك من مصدر رزقهم الوحيد، ويعمّق انهيار الأمن الغذائي في قطاع غزة الذي يعاني من المجاعة بفعل منع إسرائيل توريد المساعدات والبضائع منذ مارس/آذار الماضي.

أما مئات الآلاف من المهجّرين الذين يقيمون قسرا في خيام على حافة البحر، فقد وجدوا أنفسهم فجأة أمام خطر حقيقي، فالبحر الذي احتموا به، صار تهديدا جديدا.

عائلة إسلام سلمان تعاني نقصا حادا في المياه والغذاء (الجزيرة)

رعب مستمر

قبل شهرين، نزحت إسلام سلمان من بيت لاهيا (شمالي قطاع غزة) إلى غرب مدينة غزة، ولم تجد مكانا تنصب فيه خيمتها إلا على شاطئ بحر غزة مباشرة.

واعتقدت إسلام أن هذا المكان أكثر أمانا، كونه بعيدا عن الحدود البرية التي يتوغل بها جيش الاحتلال، لكن ومنذ اليوم الأول والقوات الإسرائيلية تطلق النار طوال الليل على الشاطئ، وهو ما يصيب سكانه المهجرين بالرعب والهلع، لكنهم لم يغادروا لأنه ببساطة "لا مكان آخر يذهبون إليه".

النازحون يعانون من نقص المياه وغياب الخدمات واستهدافهم من قبل زوارق جيش الاحتلال (الجزيرة)

واليوم، وبعد قرار جيش الاحتلال إغلاق البحر ومنع الصيد والسباحة فيه، تضاعفت مشاعر الخوف لدى إسلام وأسرتها، حيث تقول للجزيرة نت "نسأل حالنا: هل سيطردنا الاحتلال؟ وإذا قررنا المغادرة، لا يوجد مكان نذهب إليه، نحن نعيش في رعب دائم".

إعلان

وتعيش إسلام في خيمة مع زوجها وطفليها، أحدهما رضيع في عمر 6 أشهر، وتُعاني من شح المياه، ومن الحشرات والبعوض، ومن صعوبة الوصول إلى الغذاء. وتضيف "حتى البحر لم نعد قادرين على الاقتراب منه. نتمنى أن نسبح لنخفف شيئا من الكآبة، لكن ذلك أصبح مستحيلا، فقد يُطلق علينا جيش الاحتلال النار في أي لحظة".

معزوزة أبو شِدق فقدت منزلها وأثاثها وتسكن خيمة في ظروف قاسية (الجزيرة)

أما معزوزة أبو شِدق فهي أيضا نازحة من بيت لاهيا، وقد فقدت منزلها وأثاثها، وتسكن خيمة لا تبعد عن البحر سوى أمتار، وتعيش الآن في ظروف قاسية. وتقول للجزيرة نت إن "الخيمة في النهار مثل الفرن، وفي الليل برد وخوف، لا ماء، ولا نظافة، وكل ليلة نسمع قذائف فوق رؤوسنا، ولا ننام".

ومع قرار منع الاقتراب من البحر، تزداد معاناة عائلتها، وتضيف "كنا نظن البحر آمنا، لكن الآن صار خطرا، لا نستطيع مغادرة الشاطئ، ولا البقاء بأمان فيه، نعيش حالة رعب دائمة" وتختم حديثها بألم "حتى السباحة نحرم منها، رغم أنها المتنفس الوحيد، صحيح البحر أمامنا لكنه ممنوع علينا".

محمود عروق جمع شباكه تمهيدا لتخزينها بعد توقفه عن الصيد قسرا (الجزيرة)

حرمان

في ميناء غزة، يقف الصياد محمود عْرُوق يجمع شباكه وينظفها، لا ليُعدّها للبحر، بل ليخزنها بعد قرار جيش الاحتلال منع الصيد، ويقول "الزورق الحربي الإسرائيلي يراقب بوابة حوض الميناء، فإذا فكرت في الخروج قد تصيبك رصاصة أو قذيفة، كنا نخاطر قليلا، أما الآن فالأمر مستحيل".

وينحدر محمود من عائلة امتهنت الصيد لأجيال، لكنه فقد 21 شخصا خلال هذه الحرب الإسرائيلية، منهم ابنه ووالدته و3 من إخوته وزوجاتهم وأطفالهم.

ويضيف "بقينا أنا ووالدي وأخ واحد، ورغم كل شيء رجعت أشتغل، تدبّرت قاربا صغيرا وبعض الشباك، نصطاد كي نُطعم من تبقى من أهلنا" لكن اليوم، ومع القرار الإسرائيلي الجديد، قرر محمود التوقف عن الصيد.

فلسطينيون داخل حوض ميناء غزة الفقير بالأسماك تخوفا من بطش قوات الاحتلال بهم (الجزيرة)

ويتابع في حديثه للجزيرة نت "كل فترة يقتل جيش الاحتلال بعض الصيادين منّا، ولدينا صيادون مفقودون، آخرهم فقدوا قبل 10 أيام، منهم اثنان من زملائنا من عائلتي طروش وزيدان".

ويؤكد الصياد الفلسطيني أن "هذا القرار بمثابة حكم بالإعدام بحقنا كصيادين، نحن فقراء، غير مسلحين، نخرج فقط لإطعام أطفالنا، لكن اليوم لا يوجد طحين، ولا رزق".

عبد الرحيم: بعد قرار الإغلاق أصبح الصيد مغامرة تهدد بالموت (الجزيرة)

محاولات رغم الألم

قبل 15 يوما فقط، وبينما كان شقيقه غازي يعمل على سحب الشباك من البحر، أطلقت زوارق جيش الاحتلال النار عليهم دون سابق إنذار، فأردته قتيلا أمام أعين رفاقه. ورغم فداحة المصاب، لم يجد عبد الرحيم رياض خيارا سوى العودة إلى البحر، إلى القارب نفسه، والمنطقة ذاتها التي شهدت مقتل أخيه.

ويقول للجزيرة نت "لم يكن غازي يحمل سلاحا، ولا كان في مهمة عسكرية، بل كان يصطاد سمكا لإطعام أطفاله".

وعقب القرار الإسرائيلي، قرر الصياد الشاب التوقف عن النزول للبحر، فالإبحار مهما كان بسيطا بمثابة "انتحار" كما يقول، والآن "سنظل في بيوتنا ننتظر من يقدم لنا مساعدة، كرتونة أو شوال طحين إن وجدنا، نحن محاصرون في البر والبحر".

إعلان

وبمرارة يتحدث "نريد أن نعيش، كنا نخرج حتى 300 متر بالكاد في عمق البحر. أما اليوم، وبعد قرار الإغلاق، فقد أصبح العمل مغامرة تهدد بالموت".

ولم يكن الربح الذي يحصل عليه عبد الرحيم قبل القرار مجديا -حسب قوله- حيث لم يكن يتجاوز 40 شيكلا في اليوم (حوالي 12 دولارا) وبالكاد يكفي لشراء الخبز.

المصدر: الجزيرة

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا