هل تنجح الدولة السورية في فرض الأمن وتوحيد السلاح في السويداء؟

يستمر الوضع الأمني في محافظة السويداء بجنوب سوريا في التوتر بسبب تجدد الاشتباكات بين القوات السورية ومجموعات مسلحة تتهمها دمشق بالخروج عن القانون وعصيان الدولة. ويأتي ذلك وسط استمرار إسرائيل في اعتداءاتها على الأراضي السورية بزعم حماية الدروز.
ورغم إعلان وزارة الدفاع السورية عن اتفاق لوقف إطلاق النار قالت إنها توصلت إليه بالتعاون مع الوجهاء والأعيان في المحافظة الواقعة في جنوب سوريا، فقد تجددت الاشتباكات بين قوات الأمن السورية ومجموعات مسلحة في أحياء بمدينة السويداء، كما أكد مراسل الجزيرة.
ويرجع مراقبون ومحللون تجدد الاشتباكات في السويداء إلى عدة عوامل أبرزها، كما يقول الأكاديمي والسياسي، جمال درويش لبرنامج "ما وراء الخبر" هو عدم وجود آلية لتنفيذ هذا الاتفاق وبسط سلطة الدولية، وحصول ما سماها تجاوزات على الأرض، ويعتبر أن من شأن هذه التجاوزات أن تستفز الناس في السويداء، خاصة أن المرحلة تتطلب إعادة بناء الثقة بين المواطن والحكومة.
وتفجرت هذه الأحداث عقب مواجهات مسلحة بين مجموعات درزية وأخرى بدوية شهدتها مدينة السويداء، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، منذ الأحد وخلفت قتلى وجرحى، وعلى إثرها دخلت قوات تابعة للجيش ووزارة الداخلية السورية سعيا لضبط الأمن في المدينة.
ومنذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، لم تصدر السويداء موقفا واحدا، وفق درويش، بل ظهرت مواقف متعددة لقوى سياسية ولقيادات، بعضها يدعو للاندماج مع الدولة وتطبيق القانون، وبعضها الآخر أظهر تحفظات على الأسس التي تسير عليها العملية السياسية، وهناك من تبنى مواقف وسطية، بدعوته إلى إعطاء الحكومة الجديدة فرصة للعمل.
وتشدد بعض الأطراف على ضرورة الاستماع والتواصل مع الأصوات التي تقول إنه تم تغييبها من الساحة في محافظة السويداء، ومن بين من يتبنون هذا الموقف الكاتب والباحث السياسي، الدكتور عبد المنعم زين الدين، الذي يتهم في المقابل أطرافا قال إنها رفضت كل الأطروحات والمبادرات المنطقية وتشبثت بأطروحات خارج نطاق منطق الدولة والمواطنة، معتبرا أن غياب وإقصاء سلطة الدولة في المدينة أدى إلى نشوب الأحداث الأخيرة.
إعلانافتعال إسرائيلي
وبينما تحاول الدولة السورية احتواء الأوضاع داخل السويداء وأعلن الجيش كبادرة لحسن النية البدء في سحب الآليات الثقيلة وتسليم المناطق لقوى الأمن الداخلي، جدد الطيران الإسرائيلي بأمر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس غاراته على السويداء ودرعا جنوبي سوريا. كما شن صباح الثلاثاء غارات على مناطق مختلفة بالسويداء، واستهدفت إحدى الغارات الطريق المؤدي إلى داخل المدينة وآليات عسكرية.
وزعم نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) ووزير دفاعه أن "إدخال الأسلحة للسويداء يخالف سياسة نزع السلاح التي أقرت سابقا"، وجددا التزام إسرائيل بحماية دروز سوريا "بناء على تحالف الأخوة مع دروز إسرائيل"، وفق تعبيرهما.
ولا يستبعد مراقبون ومحللون ومن بينهم الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، أن يكون الاحتلال الإسرائيلي قد افتعل هذه الأزمة واستخدم عناصره في السويداء لإزعاج السلطة الجديدة في سوريا، لأنه طلب منها -كما يؤكد مكي- عدة إجراءات ورفضت تنفيذها، وهي "التطبيع والقيام بعمليات عسكرية ضد حزب الله داخل لبنان".
وتسعى إسرائيلي إلى تقسيم سوريا وتشكيل كيان درزي يعزل عن بقية سوريا، لكن هذا الأمر تراجع، مع تشكيل علاقات سورية أميركية ولقاء الرئيس أحمد الشرع مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في الرياض، ورفع العقوبات عن سوريا، وفق ما جاء في تحليل مكي ضمن برنامج "ما وراء الخبر".