Skip to main content

البادل.. رياضة عصرية تغزو ملاعب نيروبي

23 أيلول 2025

البادل.. رياضة عصرية تغزو ملاعب نيروبي

مدة الفيديو 00 دقيقة 33 ثانية play-arrow00:33Published On 23/9/202523/9/2025|آخر تحديث: 19:36 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:36 (توقيت مكة)

حفظ

في إحدى أمسيات نيروبي، تتلألأ الأضواء الكاشفة على ملعب زجاجي صغير محاط بشباك معدنية، بينما يصدح صوت الكرة وهي ترتد بقوة عن الجدار، وسط ضحكات وحماس لاعبين يرتدون أزياء رياضية أنيقة.. هذا ليس مشهدا من بطولة تنس عالمية، بل صورة حيّة لصعود رياضة جديدة في كينيا هي البادل، اللعبة التي باتت في سنوات قليلة حديث النوادي والشارع الرياضي.

ما بين عشاق التجديد الرياضي والباحثين عن نشاط ممتع لا يحتاج إلى خبرة طويلة، وجدت رياضة البادل طريقا سريعا إلى قلوب كثير من الكينيين والمقيمين بها.

اللعبة التي تجمع بين حماس التنس وتكتيك الإسكواش صارت اليوم جزءا من مشهد رياضي متنامٍ، يشهد استثمارات ضخمة ونوادي ناشئة واتحادا محليا بدأ يضع قواعد اللعبة على أرض صلبة.

في نيروبي نحو 80 ملعبا للبادل (الجزيرة)

تاريخ البادل

نشأت لعبة البادل في المكسيك عام 1969، عندما ابتكر إنريكي كوركويرا نسخة منها تجمع بين عناصر التنس والإسكواش، وسرعان ما اكتسبت هذه الرياضة شعبية واسعة وانتشرت في إسبانيا أواخر سبعينيات القرن الماضي.

بحلول تسعينيات القرن العشرين، رسخت رياضة البادل مكانتها في العديد من الدول، لا سيما في أوروبا وأميركا اللاتينية، وأُقيمت أول بطولة عالمية رسمية للبادل عام 1992، مما مثّل نقطة تحول في مسيرة الاعتراف الدولي بهذه الرياضة.

تُلعب رياضة البادل اليوم في أكثر من 90 دولة، ويديرها الاتحاد الدولي للبادل (FIP)، الذي تأسس عام 1991، وتستمر هذه الرياضة في النمو بسرعة، حيث تجذب لاعبين من جميع الأعمار ومستويات المهارة، كما يتم الاحتفاء بها لسهولة الوصول إليها وجوانبها الاجتماعية.

إقبال متزايد على لعب البادل في كينيا (الجزيرة)

كينيا على خط البادل

حتى عام 2020، لم يكن اسم البادل متداولا في الشارع الرياضي الكيني إلا في أوساط ضيقة. لكن بحلول 2025، تحوّلت اللعبة إلى ظاهرة في العاصمة نيروبي.

إعلان

افتتحت أندية متخصصة للبادل، بينما بادرت أندية عريقة إلى إدماج الملاعب الزجاجية في مرافقها، وبات الحجز عبر المنصات الرقمية مشهدا يوميا، والدورات التدريبية تستقطب عشرات الشباب والنساء الراغبين في تجربة اللعبة.

الخطوة الأكبر جاءت مع تأسيس اتحاد البادل الكيني عام 2025، ليكون الذراع الرسمية لتنظيم البطولات وتسجيل اللاعبين محليا وربطهم بالاتحاد الدولي للبادل.

وراء الكواليس، تعمل شركات محلية على بناء ملاعب بمعايير عالمية، وانتشار هذه الملاعب في المراكز التجارية والأحياء الراقية أتاح للعبة جمهورا جديدا، وفي مشهد يعكس الحيوية، باتت ساعات الذروة في ملاعب البادل بنيروبي مزدحمة.

يقول أوليفر تود -فرنسي يمتلك ملاعب للبادل مع شريكين كيني وبريطاني- إن اللعبة أخذت في الانتشار بكينيا خلال السنوات الثلاث الماضية، لكن أغلب لاعبي البادل هواة وليسوا محترفين.

أوليفر تود يتوقع مستقبلا كبيرا للبادل عالميا وكينيا خلال السنوات المقبلة (الجزيرة)

انتشار متسارع

وعن إطلاقه هذا المشروع في كينيا، يقول للجزيرة نت إنه في الأصل مختص في التسويق للدوري الإسباني بعدة دول، بينها فرنسا وكينيا، وفي أحد أيام 2022 جرّب رياضة البادل، فأعجب بها، ووجد في كينيا فرصة استثمارية لنشرها.

ويشير إلى أن أول نادٍ للبادل افتُتح في كينيا نهاية عام 2022 بمنطقة واتو الساحلية، قبل أن ينطلق أول نادٍ في نيروبي مطلع عام 2023.

وقبل عام، افتتح أوليفر تود مركزه، وأطلق عليه اسم "بادل 254″، مشيرا إلى أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك سوى 40 ملعبا للبادل (المركز الواحد يضم عدة ملاعب)، والآن تضاعف العدد ليصبح في نيروبي وحدها 80 ملعبا، الأمر الذي زاد المنافسة على اجتذاب اللاعبين، الذين يُقدر عددهم بنحو 1500 لاعبا.

لعبة للجميع

ما يُميّز البادل أنه أسهل في التعلم من التنس، وأقل حاجة للياقة بدنية عالية كتلك التي يحتاجها التنس أو الإسكواش.

هنا يعتمد الفوز أكثر على الذكاء والتمركز، ما جعله رياضة شائعة بين مختلف الفئات العمرية، وقد قرأت النوادي هذه المعادلة بذكاء، فأطلقت برامج للنساء والشباب، وأدخلت حصصا تدريبية صباحية ومسائية تناسب نمط الحياة في المدينة.

ويلفت الفرنسي أوليفر تود أيضا إلى أن ملعب البادل أصغر من ملعب التنس، كما أنه ملعب مغلق مما يقلل حاجة اللاعبين للجري أو بذل مجهود بدني كبير، كما أن اللعب عادة يكون بين 4 لاعبين، فضلا عن اختلاف في المضارب والكرة.

ملاعب البادل تضم مناطق ألعاب للأطفال ومطاعم وغيرها (الجزيرة)

تحديات عديدة

لكن اللعبة -باعتبارها حديثة عهد في كينيا- تواجه عدة تحديات، أهمها، كما يقول أوليفر تود، جذب أعداد أكبر من اللاعبين، ما يُمكنه من تأجير ملاعبه طيلة الساعات المتاحة.

ويرى أن البادل يحتاج مزيدا من الوقت حتى يتمكن من منافسة رياضة عريقة كالتنس، التي تتمتع بشعبية كبيرة، في ظل وجود بطولات عالمية ونجوم كبار يتنافسون فيها.

وقد بدأ الاقتصاد الرياضي المحيط بالبادل يتشكّل من آلات بناء الملاعب إلى معدات اللعب (مضارب وكرات وملابس) وتذاكر البطولات وتعليم المدربين، وتعتمد بعض النوادي نماذج دخل مختلفة: اشتراكات سنوية، وحجز بالمواعيد، ودروس خصوصية، ورعاية لبطولات محلية.

إعلان

وعن تكلفة استئجار ملاعب البادل، يقول أوليفر تود إنها تبلغ نحو 4000 شلن كيني (نحو 31 دولارا) في الساعة، وهو مبلغ قد يكون مكلفا لعموم الكينيين، ولذلك فإن أغلب زبائنهم من الأجانب وبعض الكينيين من أصول هندية.

ويرجع ارتفاع أسعار الاستئجار إلى أنهم يستوردون كل مكونات الملاعب (الأرضية والزجاج العازل وغيرها) من الخارج.

وعن مدى ربحية مشروعه، يقول إن المشروع مربح ماديا بالنسبة له، لكن مع تزايد المنافسة بدؤوا في تقديم خدمات جديدة كمنطقة ألعاب ملحقة للأطفال، وكذلك مطعم ومقهى بحيث تستطيع الأسرة كلها قضاء وقت ممتع في النادي.

ويتوقع أوليفر تود مستقبلا كبيرا للبادل عالميا وكينيا خلال السنوات المقبلة مع تزايد تسليط الضوء عليها، خصوصا أن بإمكان جميع الأعمار ممارستها، كما أنها لا تتطلب لياقة بدنية عالية.

من لعبة ناشئة إلى حركة منظمة، يمضي البادل في كينيا بخُطا متسارعة، حيث أصبحت قصة هذه الرياضة ليست مجرد إضافة إلى المشهد الرياضي، بل تعكس تحولا في ذائقة الشباب ورغبتهم في رياضات حديثة عابرة للثقافات.

المصدر: الجزيرة

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا