Skip to main content

أحمد عادل.. طبيب فلسطيني يرفض الاستسلام في وجه آلة الحرب الإسرائيلية

29 أيلول 2025

أحمد عادل.. طبيب فلسطيني يرفض الاستسلام في وجه آلة الحرب الإسرائيلية

أطباء يعالجون طفلا فلسطينيا باستخدام مصابيح الهواتف بمستشفى شهداء الأقصى في بدير البلح (الأناضول)
Published On 29/9/202529/9/2025|آخر تحديث: 11:25 (توقيت مكة)آخر تحديث: 11:25 (توقيت مكة)

حفظ

رغم تدمير إسرائيل لمعظم المستشفيات في قطاع غزة واستشهاد واعتقال المئات من الأطباء والممرضين والمسعفين، يرفض عدد كبير من الأطباء الاستسلام في وجه آلة الحرب والإبادة الإسرائيلية، ويواصلون عملهم في إنقاذ المرضى والمصابين رغم الأخطار التي تهدد حياتهم وإصابتهم بالإجهاد وسوء التغذية، ومن هؤلاء الدكتور أحمد عادل من دير البلح وسط القطاع.

وتقول الكاتبة علا العاصي، في التقرير الذي نشره موقع منظمة "بريزم" الإنسانية، إن "الدكتور أحمد عادل هو طبيب فلسطيني في الطب الباطني والطوارئ يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود وفي مستشفى الأقصى في دير البلح، وقد فقد منزله جراء القصف الإسرائيلي في بداية الحرب واضطر إلى النزوح جنوبًا حتى وقف إطلاق النار الأول في يناير/كانون الثاني 2024″.

اقرأ أيضا

list of 2 itemsend of list

يعيش أحمد الآن مع عائلته في مدينة غزة ويضطر إلى التنقل لمدة ساعتين ونصف إلى وسط غزة، حيث يعمل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، في رحلة شاقة مرهقة بسبب الشوارع المدمرة التي لا يُسمح فيها للسيارات بنقل الناس بين الشمال والجنوب، مما اضطر الناس إلى استخدام عربات تجرها الحيوانات ووسائل نقل أخرى، حيث يصل أحمد إلى المستشفى منهكًا وعطشًا وأحيانًا جائعًا، لكنه يبدأ على الفور في فحص المرضى ويستقبل تدفقًا متواصلًا من المصابين إلى غرفة الطوارئ.

وأفادت الكاتبة بأن أحمد يُعرف بين زملائه باجتهاده وحرصه على علاج ودراسة الحالات غير المألوفة من الإصابات والالتهابات، وقد ظهر ذلك في تأكيده على أنه لا يستطيع التأخر على المرضى حتى عندما يكون متعبًا.

ويقول أحمد "كنا نستقبل المرضى في غرفة الطوارئ قبل بدء الحرب، وكان كل مريض يحظى بكامل اهتمامنا ومتابعتنا، وتُجرى له جميع الفحوصات الطبية اللازمة للدم، وكانت هناك أسرة مريحة وأدوات معقمة جاهزة للاستخدام. كان من النادر جدًا أن نفقد مريضًا في ذلك الوقت".

إعلان

وأشارت الكاتبة إلى أنه بحلول أغسطس/آب، لم يتبق سوى 18 مستشفى و10 مستشفيات ميدانية تعمل في قطاع غزة، 435 منها في مدينة غزة، وتجاوزت نسبة إشغال الأسرّة القدرة الاستيعابية، ولم يتبق في العناية المركزة بمستشفى الأقصى سوى 3 أسرّة، مما اضطر الأطباء لعلاج المرضى على الأرض أو في الساحات الخارجية.

وتُعد الفئات الأكثر ضعفًا هي الفئات أكثر تضررًا من اكتظاظ المستشفيات، خاصة كبار السن والأطفال، وقد أفاد أحمد أنه كان يضع 3 إلى 4 أطفال على سرير واحد بسبب اكتظاظ المستشفى، بينما يقضي المرضى الآخرون أياما على أرضية المستشفى للسبب نفسه.

نظام صحي منهار

وأوضحت الكاتبة أن مرضى الضغط والسكري يواجهون خطر الموت بسبب نقص الأدوية والرعاية نتيجة الحصار الإسرائيلي، بينما يقول أحمد "أحيانًا نفقد مريض ضغط لأنه يصل في حالة حرجة ولا نجد له سريرًا أو دواءً مناسبًا".

وذكرت الكاتبة تجربة شخصية لها مع والدتها التي احتاجت لعملية استئصال رحم في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وسط نقص حاد في الأدوية وصعوبة في الحصول على الموافقات الإسرائيلية لدخول المساعدات، مما جعل رحلة البحث عن العلاج مرهقة ومهددة للحياة.

وكان حجز موعد لإجراء عملية استئصال الرحم صعباً لأن المستشفى كان مكتظًا دائمًا، كما لم تتمكن الأسرة من توفير الأدوية اللازمة للتعافي بعد الجراحة، مثل المضادات الحيوية والمسهلات، كما أن نقص الغذاء أدى إلى طول مدة تعافيها، حيث تمنع إسرائيل دخول اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان والخضروات، وتسمح فقط بحصص غذائية لا تكاد تبقي الناس على قيد الحياة في ظل مجاعة مدروسة ومنظمة تفرضها السلطات الإسرائيلية.

وأكدت الكاتبة أن دكتور أحمد يشهد يوميًا آثار نقص التغذية والدواء والرعاية الوقائية، إضافة إلى انهيار شروط الصرف الصحي والظروف المعيشية اللازمة لدرء العدوى والأمراض البكتيرية والفيروسية، وقد سجلت منظمة الصحة العالمية 94 حالة مشتبها بها من متلازمة غيلان باريه، وهو مرض نادر يسبب الشلل نتيجة بيئة غير صحية.

وبحسب أحمد، فإن علاج هذه الحالات يتطلب تبادل بلازما أو علاجًا بالأجسام المضادة، وكلاهما غير متوفر في غزة، مما اضطر الأطباء إلى استخدام طريقة بدائية غير فعالة تسمى تبادل البلازما اليدوي لإبقاء المرضى على قيد الحياة.

وأضافت الكاتبة أن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل أدت إلى نقص في الكوادر الطبية المؤهلة في غزة، كما أدى الافتقار إلى النظافة والمعدات الطبية إلى وفاة العديد من المرضى الذين لم يتمكنوا من الحصول على التشخيص أو العلاج المناسب.

وقال أحمد "اضطررنا أحيانًا إلى وضع المرضى في غرف ما بعد الولادة، حيث كان على القابلات التعامل معهم ومتابعتهم، وقد فقدنا بعض المرضى لأن الموظفين هناك غير مؤهلين للتعامل مع مثل هذه الحالات".

وذكرت الكاتبة أن نقص الفحوصات الأساسية مثل تحليل الدم الكامل ووظائف الكبد والكلى أدى إلى خسارة مرضى كان يمكن إنقاذهم، حيث يضطر الأطباء إلى اختيار الحالات الأكثر خطورة لإجراء الفحوصات بسبب نقص المواد.

واستشهد أحمد بحالة فتاة تبلغ 13 عامًا تُدعى ياسمين الداعور، وصلت مصابة بالتهاب السحايا، ولم يكن هناك جهاز تصوير مقطعي، فتم نقلها إلى مستشفى يافا، لكنها تعرضت لتلف دماغي وتوفيت.

إعلان

إن غياب المعدات الأساسية يهدد حياة المرضى، وقد أفاد أحمد بأن غياب منظار المعدة أدى إلى وفاة مريضة كانت تعاني من نزيف معدي معوي، ولم يتمكن الطاقم من مراقبتها بسبب نقص الموظفين، ففارقت الحياة بعد ساعة من وصولها.

أثر المجاعة على الأطباء

وذكرت الكاتبة أن المجاعة التي اجتاحت شمال غزة تهدد بالامتداد إلى الوسط والجنوب، وقد أثرت على الأطباء أنفسهم، مما يهدد بانهيار النظام الصحي بأكمله، فقد ظهر على بعضهم أعراض سوء التغذية بسبب عملهم دون توقف لمدة 23 شهرًا وسط ندرة الإمدادات الغذائية. ويؤثر ذلك على أدائهم البدني، حيث يفقد بعض الأطباء الوعي ويصبحون غير قادرين على إجراء العمليات الجراحية.

يعالج أحمد الجوعى وهو نفسه جائع معظم الوقت. يقول إنه يشعر بالحزن الشديد ولا يجد ما يقوله في لحظات كهذه، ويبذل قصارى جهده لعلاج المرضى الذين يعانون من سوء التغذية.

وأردف قائلا "في معظم الأوقات، لا أستطيع العمل بشكل جيد بسبب الجوع. أحيانًا أقضي أيامًا كاملة بتناول وجبة واحدة غير كافية. عندما يقول لي الناس إنهم متعبون، أرد عليهم: أنا أكثر تعبًا منكم".

وأضاف "أحيانًا أقضي ساعات في البحث عن الطعام، حتى لو كان مجرد شطيرة فلافل، التي أصبحت باهظة الثمن. كنا نتناول وجبات خفيفة ومشروبات ساخنة خلال نوبات العمل النهارية والليلية، ولكنها غير متوفرة الآن، وهذا يؤثر على قدرتنا على متابعة المرضى".

الأطباء في غزة يعيشون "صدمة مستمرة" جراء استهداف المستشفيات، وللتعبير عن هذه الحالات يقول أحمد "لا أستطيع النوم جيدًا داخل المستشفى، أقضي ساعات أفكر في أفضل زاوية أو اتجاه للنوم في حال تم قصف المبنى، خاصة أن مستشفى الأقصى الذي أعمل به تعرض للقصف عدة مرات، وأتخيل سيناريوهات مرعبة باستمرار، حتى أصبح الأمر هوسًا".

وتابع "أرى وجوهًا وأجسادًا مشوهة، وأتعامل مع إصابات مروعة، وأحاول تجاهل ألمي لأركز على العلاج. رأيت أطفالًا محروقين تساقطت أطرافهم بين يدي، ورأيت ضحايا بإصابات لا يمكن علاجها"، مؤكدًا أن المشاهد في غرفة الطوارئ لا تُحتمل.

وأكد الطبيب الفلسطيني بأنه يشعر بالخوف في كل مرة عندما يتلقي اتصالا من عائلته خشية أن يكون قد حدث لهم مكروه.

وذكرت الكاتبة أن أكثر من 1500 من العاملين في القطاع الصحي استشهدوا منذ بداية الحرب، في حين اعتقل الاحتلال أكثر من 339، ولا يزال 162 منهم، بينهم 20 طبيبًا، محتجزين في السجون الإسرائيلية. ويُحتجز الأطباء دون تهم، ويتعرضون للتعذيب أثناء التحقيق.

المصدر: مواقع إلكترونية

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا