غزة - خاص قدس الإخبارية: لسنوات عديدة، هُمِّشَت القضية الفلسطينية بفعل العديد من العوامل الذاتية والموضوعية، اجتمعت فيها العديد من الفواعل الإقليمية والدولية، وفي قلبها الاحتلال الذي عمل عبر سياسة تراكمية من أجل الوصول إلى تعزيز فكرة تجاوز القضية الفلسطينية بوصفها محدِّدًا لعلاقة الاحتلال بالمنطقة العربية وعائقًا أمام عملية التطبيع.
فقدت القضية الفلسطينية موقعها المركزي في الشرق الأوسط، إذ ساهم الانقسامُ السياسيُّ الفلسطيني، واستعارُ الاستقطاب الإقليمي على خلفية الصراعات الإثنية والطائفية التي عززتها سياسات الولايات المتحدة في المنطقة في إعادة صياغة الوعي الجمعي لشعوب المنطقة بإشغالها في تناقضات ثانوية لتحل محل التناقض الرئيس مع الاحتلال.
غاب العنوان الفلسطيني عن أجندة العمل المركزية للمجتمع الدولي، وسيطر الاحتلال فيه على صياغة السردية الأنسب وفق مشروعه الاستيطاني التوسعي، وتحويل المجتمع الدولي إلى أداة مطواعة في مخططاته، في ظل ضعف كبير في الأدوات الفلسطينية وشرعية منقوصة لكل تحركات الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني، وقصور التحرك الفصائلي وتأثيره في المؤسسات الدولية.
حل "طوفان الأقصى" ليعيد صياغة المشهد وترتيب الأجندة الوطنية والإقليمية والدولية، لتعود القضية الفلسطينية إلى مركزيتها بوصفها عاملَ الفرز الرئيس لمعسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء، وإعادة ضبط البوصلة لقوى المنطقة، وكلمة السر في الحرب والسلام في الشرق الأوسط، والعنوان الحاضر على أجندة كل المحافل الدولية.
وضع "طوفان الأقصى" القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية أمام استحقاق الوحدة الوطنية في مواجهة العدوان وحرب الإبادة، وفي الوقت الذي أفرز الميدان أرقى أشكال العمل المشترك، الذي تختلط فيه الدماء والتضحيات بمعزل عن الحسابات الفئوية وهوامش الخلافات السياسية، ستُعاد صياغة المشهد الداخلي الفلسطيني وفقًا لمخرجات "الطوفان"، وستُوضع كل قوى العمل السياسي الفلسطيني أمام استحقاق إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني بوصفه مشروع تحرر يحمل برنامجًا سياسيًّا واضحًا ومتكاملًا وموضع إجماع.
المشهد الفلسطيني الداخلي واستحقاقات الوحدة
امتدت سنوات من الانقسام لم تنجح فيها جهود الوحدة الوطنية في جمع شمل البيت الفلسطيني، ارتباطًا بالعديد من الفجوات، يقع في جوهرها الخلاف على البرنامج السياسي والأدوات والأولويات، وعلى الرغم من أن الظاهر الانقسام المؤسسي والخلافات الوزارية، فإن الواقع أنه انقسام بين مشروع يؤمِن بجدوى المقاومة المسلَّحة سبيلًا للتحرر، وأخَر يؤمِن بالأدوات السلمية والمسار السياسي والتفاوض مدخلًا لتحصيل حقوق الشعب الفلسطيني.
غابت الفاعلية عن المشروع الوطني الفلسطيني لسنوات، كما بهتت الأولويات لصالح الانقسام، فيما بقيت المؤسسة التمثيلية الرسمية للشعب الفلسطيني (منظمة التحرير الفلسطينية) مقتصرة على لون سياسي محدَّد يسود عليه البرنامج السياسي لرئيس السلطة، في وقت سُدت فيه الأبواب أمام القوى الفاعلة، سواءٌ تلك التي كانت جزءًا من منظمة التحرير لعقود، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أو من خارجها، مثل حركتَي "حماس" والجهاد الإسلامي.
إن الطبيعة لا تقبل الفراغ، وإن غياب البيت الجامع فتح المجال للقوى المعارِضة، خصوصًا التي تتبنى خيار المقاومة المسلَّحة لاستحداث وتطوير صيغ عمل مشتركة متعددة، تُنسِّق عبرها الفعل المقاوم الميداني من جانب، والموقف السياسي من جانب آخر، وصولًا إلى مراحل أكثر تقدمًا عملت فيها على برامج عمل مشترك ودشنت مراحل نضالية مهمة.
راكمت قوى المقاومة الفلسطينية على مسار نضالي، حشدت فيه قوتها، وعملت منفردة تارة، وضمن مجموعة من التفاهمات الجماعية تارات أخرى، على مجموعة من المسارات لتعزيز الحضور المقاوم، والبناء على ما جرت مراكمته في قطاع غزة بحيث يتحول إلى مركز قيادة وتوجيه ودعم لتطوير الفعل المقاوم في الضفة الغربية والشتات، بما يعيد إلى معادلات الاشتباك زخمها وحيويتها في كل الساحات، إلا أن هذا الدرب بقي قاصرًا بفعل عوامل التعطيل، فمن جهة بذل الاحتلال كل جهده في ملاحقة كل محاولات تطوير البنية التحتية للمقاومة وتوسيع فعلها، فيما لم تتوانَ السلطة الفلسطينية أيضًا عن سلوك الدرب ذاته لإجهاض عودة زخم المواجهة المسلحة إلى شوارع الضفة الغربية.
بقيت المعالجات قاصرة، واستنزف الإشغال الداخلي ومعادلات الانقسام الحاضرة دائمًا كل قوى المشهد الفلسطيني، وعطلت العديد من ديناميات الفعل، وفوتت عددًا لا بأس فيه من اللحظات التاريخية لينطلق الشعب الفلسطيني في فعل انتفاضي عارم يتصدى لكل محاولات استهداف القضية الفلسطينية وتصفيتها.
وضع "طوفان الأقصى" والسعي المحموم دوليًّا وإسرائيليًّا لهندسة "اليوم التالي"، الذي لا يستهدف قطاع غزة فحسب بل النظام السياسي الفلسطيني، كلَّ القوى الفلسطينية أمام المحك الحقيقي، فَمن استثمر لسنوات في محاولة الحفاظ على رضا المجتمع الدولي بات مهدَّدًا أيضًا كما قوى المقاومة الموضوعة على قائمة التصفية والإجهاز عليها من قبل العدو الإسرائيلي. حدَّد رئيس حكومة الاحتلال، "بنيامين نتنياهو"، توجهه بوضوح، بعدم قبول "حماستان" أو "فتحستان"، وكما لا يفرق الصاروخ الإسرائيلي بين فلسطيني وآخر، لا ترى حكومة الحسم الصهيونية في أي فلسطيني من القوى الفلسطينية خيارًا مقبولًا، بل هدفًا مشروعًا للتصفية والملاحقة.
تضع تجليات "طوفان الأقصى" القوى الفلسطينيةَ مجتمعةَ أمام استحقاقات رئيسية، في مقدمتها إعادة صياغة المؤسسات التمثيلية والمشروع الوطني الفلسطيني بوصفه مشروع تحرر وطني، وبناءً عليه تُعاد صياغة أدوار المؤسسات الوطنية والأذرع التنفيذية بما يخدم هذا الاستحقاق، وتطبيق مخرجات القمم الوطنية الجامعة التي تستند جميعًا إلى ما جرى التوافق عليه في وثيقة الوفاق الوطنية المعروفة بـ"وثيقة الأسرى".
بلا شك، ستعكس تجليات "طوفان الأقصى" نفسها على أوزان الفصائل وحضورها، وهيكلها القيادي، فأية صفقة قادمة للأسرى ستسهم، بلا شك، في إعادة صياغة المشهد القيادي الفلسطيني، وسيسهم خروج قادة الحركة الأسيرة من السجن في تغيير العديد من المعادلات الفصائلية، ما سينعكس على معادلة الهرم القيادي الفلسطيني، وعلى المركز الجغرافي للقيادة الفلسطينية القادمة وثقلها.
سيحمل ما بعد "طوفان الأقصى" معه المرحلة الجديدة من الفصائلية الفلسطينية، التي ستُعاد وفقها صياغة الحالة الفصائلية الفلسطينية، كما ستُعاد صياغة برامجها، ارتباطًا بنتائج واستخلاصات المحطة المفصلية التي شكَّلها "الطوفان"، وكونه مرحلة انتقالية، سيتحول معها النظام السياسي الفلسطيني من حالة السكون السلبي إلى حالة الفعالية الكبيرة، التي سيكون عنوانها الحضور الفلسطيني في كل أماكن التواجد، لا في قطاع غزة والضفة الغربية حصرًا.
إعادة صياغة معادلات الإقليم
توسعت حالة الاشتباك الحالي مع الاحتلال الإسرائيلي، التي بدأت في قطاع غزة، وانتقلت لتشمل أكبر وأوسع حالة اشتباك ومواجهة مع الاحتلال من جبهات متعددة منذ انتهاء عصر الحروب النظامية بين الاحتلال والدول العربية. وقد شكلت خارطة الاشتباك الجغرافية والسياسية مشهدًا محوريًّا ينسف معادلات عدة في الإقليم ويبني معادلات جديدة.
شكَّلت جبهات الإسناد عاملًا مهمًّا في دعم المقاومة في قطاع غزة، وإرباك حسابات الاحتلال العسكرية والأمنية، وعامل ضغط على دول المنطقة والولايات المتحدة، خصوصًا مع وجود شبح الحرب الإقليمية بوصفه سيناريو قويًّا يلوح بالأفق، وهي حرب لا يمكن التنبؤ بحجمها ولا بحدود تأثيرها، ما يجعل حسابات المصالح لكل دول المنطقة مهددة، والأمر سواءٌ لمصالح الولايات المتحدة وقواعدها المنتشرة في الشرق الأوسط.
بقدر أهمية جبهات الإسناد للمقاومة الفلسطينية، تكمن أهمية أخرى للقوى المساندة وللمجتمعات العربية والإسلامية، فقد أعادت معادلات الاشتباك في "طوفان الأقصى" صياغة الوعي الجمعي للجمهور العربي والإسلامي، فبعد سنوات من الاستثمار الغربي في النزاع الطائفي وتعزيز خطاب الفرقة الطائفية والنزعات الإثنية، خلقت حالة الاشتباك تغييرًا في نظرة الجمهور للعديد من قوى المنطقة، كما خلقت معادلات التقاء بين قوى أخرى كانت على درجة كبيرة من الخصومة.
لقد أعاد مشهدُ مساندة قوى محور المقاومة، المحسوبة بغالبها على المذهب الشيعي، لحركة "حماس" السنية، الاعتبارَ إلى معيار الفرز الأساس، وهو الموقف من الاحتلال، ما شكَّل محفِّزًا لانضمام قوى سنية على سبيل المثال إلى معادلات الاشتباك في لبنان إلى جانب "حزب الله"، مثل الجماعة المنخرطة بفاعلية كبيرة في جبهة الإسناد اللبناني للمقاومة في قطاع غزة، وهو ما أنشأ علاقة عُمِّدَت بالدم في الميدان بين مقاتِلي الجماعة الإسلامية ومقاتِلي "حزب الله" و"حركة أمل"، وهم الذين كانوا على درجة من الخصام إلى فترة قريبة خلت.
في اليمن، أعلن السيد عبد الملك الحوثي أن عنوان إسناد قطاع غزة عنوان إجماع لدى القوى اليمنية على اختلاف مشاربها ومواقفها، وأن أكثر القوى معارضة لحركة "أنصار الله" مؤيدة ومتمسكة بخيار إسناد المقاومة في قطاع غزة، في موقف لربما يكون الأول الذي يُشكِّل عنوان إجماع بين القوى اليمنية المتقاتلة.
شهد الموقف الشعبي من الجمهورية الإسلامية في إيران عملية إزاحة كبيرة على إثر الالتزام الإيراني بدعم المقاومة الفلسطينية، وجبهات الإسناد للشعب الفلسطيني، وتعاظم هذا التغيير في المزاج الشعبي تجاه إيران إيجابًا مع توجيه إيران ضربات مباشرة لدولة الاحتلال.
قلَّصت معادلات الاشتباك العديدَ من الفجوات، يمكن لحظها بوضوح، في شكل الخطاب وتفاعل الجمهور، وحتى في تغطية وسائل الإعلام لإخبار القوى المنخرطة في جبهات الإسناد، إذ انتقلت وسائل إعلام عربية كبرى، من موقع الخصومة مع هذه القوى إلى موقع التغطية الإيجابية لفعلها ومواقفها، والأمر متبادل.
أعاد "طوفان الأقصى" ضبط البوصلة، وأعاد عملية الفرز إلى موقعها الطبيعي، مبدئيًّا لدى شريحة مهمة من الشعوب، التي عاد ترتيبها لموقفها من القوى إلى الانطلاق من محدِّد موقف هذه القوى من الاحتلال الإسرائيلي، ومدى انخراطها في معادلة المقاومة.
نسف هذا التطور سنواتٍ من استثمار الولايات المتحدة، وبعض دول المنطقة في التناقض الطائفي، كما قطع الطريق أمام محاولة خلق عدو جديد للأمة العربية يُشَيطَن ليحل محل العدو الإسرائيلي بوصفه موضعًا للتناقض الاستراتيجي في المنطقة، فإيران، التي صُوِّرَت كأنها العدو الأول، هي التي تقدِّم المساهمة الأكبر مع القوى الحليفة لها في إسناد الشعب الفلسطيني التي يرزح تحت نيران حرب إبادة إسرائيلية.
العالَم أمام استحقاقات الأفق السياسي
وضع "طوفان الأقصى" العالَم أمام حقائق تجاهلها كثيرًا، فقد مثَّلت عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الحدث الاعتراضي الأكثر صخبًا في العالَم على ما يجري للشعب الفلسطيني من تصفية ممنهَجة تستهدف تجاوزَ حقِّه التاريخيِّ في الحرية والاستقلال، وتقبل بتركه فريسة لأشكال الموت المختلفة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.
على مدار عقود، عملت حكومات الاحتلال المتعاقبة على ترسيخ مبدأ "إدارة الصراع" مع الفلسطينيين، عكفت من خلاله على المضي بخططها لفرض الوقائع على الأرض، وفي الواقع ذاته منع الشعب الفلسطيني من تحصيل أية مكاسب، بل الإمعان في سلبه كل ما يملك، حتى حقه في الحياة.
حرص الاحتلال على ترك الفلسطيني يعيش وفق قاعدة "بقاء الرأس فوق الماء"، بحيث لا يستطيع أن يعيش حياة طبيعية، ولا يموت في الوقت ذاته، وهذه الحالة التي بقي عليها الشعب الفلسطيني منذ انتهاء انتفاضة الأقصى ساكنًا في حالة انتظارية مسلوبًا فيها أدنى الحقوق الطبيعية للإنسان، وسط صمت وتواطؤ دولي، ودعم وضوء أخضر أمريكي.
لم يحاول المجتمع الدولي خلق أفق حقيقي للشعب الفلسطيني، بل ساهم إسهامًا مباشرًا في تسهيل مهمة الاحتلال في عملية إدارة الصراع وخلق واقع جديد يستحيل وفق المضي في أفق سياسي حقيقي على قاعدة إقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967.
حمل ائتلاف "بنيامين نتنياهو" الحكومي الحالي برنامجَ الحسم، الذي يغادر من خلاله سنوات إدارة الصراع إلى استراتيجية حسم الصراع، وقد عبَّر شركاؤه في الائتلاف الحكومي علانية عن هذا البرنامج في محافل متعددة، فيما يتمسك برفضه المطلق حتى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالحصول على دولة، حتى كلاميًّا لإرضاء حليفه الأمريكي، أو نيل إنجاز كبير مثل التطبيع مع السعودية.
عكست عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر حجم الرفض الفلسطيني لخوض المعادلات الإسرائيلية وانتظار الإجهاز على ما تبقَّى من المشروع الوطني الفلسطيني، كما عبَّرت عن حالة الرفض الكبير للتواطؤ الدولي، وردَّت كل المعادلات إلى النقطة الأولى، وأكدت أن الشعب الفلسطيني يتمسك بحقوقه، وسيفعل كل ما يلزم للدفاع عنه.
خلقت عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والصمود الفلسطيني الملحمي في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، اقتناعًا لدى العديد من اللاعبين في العالم، حتى أكثر الحلفاء وثوقًا وقربًا من الاحتلال الإسرائيلي، بأن سياسة "إسرائيل" تجاه الشعب الفلسطيني ستؤدي مستقبلًا إلى نماذج متعددة من عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حتى وإن نجحت "إسرائيل" في تحقيق أهداف حربها وقضت على المقاومة، ستؤدي السياسية الإسرائيلية إلى بلورة حالة متجددة من الرفض الفلسطيني الذي سيُعبَّر عنه بالمقاومة، وصولًا إلى نسخة جديدة من "طوفان الأقصى" تعبِّر عن الرفض الفلسطيني المستمر لتصفية قضيته.
يسهم هذا الاقتناع في خلق توجه عالمي جديد، يقضي بضرورة أن يُخلق أفق للشعب الفلسطيني يستطيع عبره نيل جزء من الحقوق والمكتسبات، تجعل من حسابات الربح والخسارة أكبر مستقبلًا ما سيخفِّض من مسبِّبات الانفجار وسيقلِّص من احتماليات أن يَحمل كل عقد نسخة جديدة من السابع من تشرين الأول/أكتوبر تقض مضاجع كل العالم وتخلط كل المعادلات.
أعاد "طوفان الأقصى" الاعتبار إلى العديد من القضايا التي اعتقد العالم أنه قد تجاوزها، وحرَّك مكامن الشعب الفلسطيني، وأعاد قضيته إلى الصدارة، وحفَّز أحرارَ العالَم للتحرك من جديد لحمل القضية الفلسطينية إلى كل المحافل، وتحويل الشوارع الأوروبية إلى مساحة لممارسة الدبلوماسية الشعبية وفرض القضية الفلسطينية بوصفها عنوانًا رئيسيًّا على أجندة كل السياسيين الغربيين، باتت فيه القضية الفلسطينية محدِّدًا من محدِّدات الدعم الانتخابي وبرامج القوى المتنافسة.
لامست القضية الفلسطينية أفئدةَ وعقول الجيلين Z وX في العالَم الغربي، أي إنها باتت جزءًا من وجدان المستقبل في هذه الدول، بمواقف واضحة لا تقبل المواربة تنحاز إلى حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، ما يعني أن التغير سيلمس الجيل الذي سيقود هذه الدول في المستقبل، وهو ما يحمل في طياته بذور التغيير من الداخل في مواقف العديد من الدول، وفي توجهات العديد من النخب السياسية المؤثرة، خصوصًا في الولايات المتحدة التي أشعل طلبة جامعات النخبة فيها انتفاضة الجامعات تأييدًا للشعب الفلسطيني ورفضًا لحرب الإبادة.
خلق "طوفان الأقصى" واقعًا جديدًا وضع لبناتٍ لإعادة صياغة المشهد الوطني، الإقليمي والدولي، بما يعيد إلى القضية الفلسطينية زخمها ووزنها، ويحمل في طياته بوادر التغيير التي تحتاج إلى قيادة فلسطينية جادة ومخلِصة تستطيع ترجمة هذه التغييرات إلى برنامج عمل ومهمات تستثمر من خلاله فيما جرى تحقيقه، وتراكم عليه وصولًا إلى مسارات سياسية حقيقية تحوِّل صمود الشعب الفلسطيني في وجه حرب الإبادة وآلة القتل إلى منجَزات وطنية تَخدِم المشروع الوطني الفلسطيني بوصفه مشروعًا تحرريًّا.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا