
ترجمة عبرية - قدس الإخبارية: حذّرت صحيفة كالكاليست الاقتصادية العبرية من أن خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة، التي تروّج لها القيادة السياسية في كيان الاحتلال، لم تعد تُقرأ فقط كمغامرة عسكرية، بل كمقامرة خطيرة قد تكون الأعلى تكلفة في تاريخ "إسرائيل"، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، وسط تحذيرات متزايدة من مؤسسات أمنية واقتصادية رفيعة.
وبعد مرور أكثر من 20 شهرًا على بدء العدوان، ومع فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة، تتصاعد المخاوف من دخول لا يمكن السيطرة على تبعاته، بينما يمضي رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بدعم من أحزاب اليمين المتطرف، نحو "حسم عسكري شامل" في قطاع غزة، رغم غياب خطة استراتيجية متماسكة أو تقدير مالي مدروس.
دراسة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي في كيان الاحتلال أشارت إلى أن إعادة احتلال غزة ستكلّف ما بين 16 و18 مليار شيكل سنويًا، أي ما يعادل نحو 4.5 إلى 5 مليارات دولار، تشمل تكاليف نشر 3 إلى 4 فرق عسكرية ميدانية، وبنية أمنية ولوجستية واسعة، مع أعباء إضافية غير مباشرة على الاقتصاد العام.
وزارة المالية حذّرت من أن هذه الخطة تشكل خطرًا على استقرار الميزانية، فيما أكد شاؤول كلوغمان، أحد كبار مسؤولي المالية السابقين، أن الاحتلال الكامل لغزة "سيثقل كاهل الميزانية بشكل لا يمكن استيعابه دون تقليصات ضخمة في البنود المدنية أو رفع الضرائب، أو كليهما".
التحذيرات لا تتوقف عند الجانب المالي، إذ حذّر مصدر رفيع في المؤسسة الأمنية من أن اجتياح غزة "لا يشبه الدخول إلى جنين أو نابلس"، بل هو مستنقع عسكري وأمني مختلف تمامًا، في ظل تحديات كبيرة يواجهها جيش الاحتلال على مستوى الموارد البشرية والعتاد والمعنويات، خاصة في صفوف قوات الاحتياط، التي تشهد تسربًا متزايدًا ورفضًا متناميًا للانخراط في القتال.
الصحيفة أشارت إلى أن التأييد الدولي للاحتلال يتآكل بوتيرة سريعة، مع ازدياد التغطية الإعلامية لانتهاكات الاحتلال في غزة، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، ما يُنذر بفتح الباب أمام تحقيقات دولية في المحكمة الجنائية، ويدفع بالعزلة الدولية نحو التصاعد.
وفي تشبيه لافت، رأت كالكاليست أن الاحتلال الكامل للقطاع قد يحاكي الغرق الأميركي في العراق بعد 2003، حين تورّطت واشنطن في إدارة حياة ملايين المدنيين داخل بيئة عدائية، وتكبدت خسائر بشرية ومادية ضخمة. وتشير إلى أن "إسرائيل"، إذا دخلت غزة بالكامل، ستكون مطالبة بإدارة شؤون أكثر من مليوني فلسطيني في ظل وضع إنساني منهار ونقص حاد في الخدمات الأساسية.
وقالت الصحيفة إن هذا السيناريو لن يؤدي فقط إلى تآكل صورة الاحتلال عالميًا، بل سيؤجج أيضًا الانقسام الداخلي ويعمّق الشرخ السياسي والاجتماعي داخل كيان الاحتلال.
ونقلت عن مسؤول استخباراتي سابق أن "الفصائل في غزة تعي تمامًا أن الاحتلال الطويل للقطاع سيكون مكسبًا استراتيجيًا لها"، معتمدين على استنزاف طويل الأمد ينهك جيش الاحتلال من الداخل، في ظل أزمة تجنيد وتراجع الجاهزية والقدرة على الصمود.
الصحيفة أبرزت الانقسام السياسي داخل حكومة الاحتلال، مشيرة إلى أن الجيش ووزارة المالية يعارضان الخطة، لكن صوت القيادة السياسية هو الأعلى، وسط انقسام واضح داخل "الكابينت"، حيث يخشى بعض المسؤولين أن تتحول غزة إلى "فيتنام إسرائيلية".
وتتساءل الصحيفة في ختام تقريرها: "ثم ماذا؟" مشيرة إلى أن غياب استراتيجية للخروج يفاقم الأزمة، فلا أحد يعرف من سيدير القطاع بعد الاجتياح، ولا متى أو كيف ستخرج قوات الاحتلال، ولا ما إذا كانت هناك جهات دولية ستتدخل، ما يعني أن كل يوم إضافي داخل غزة سيضاعف الكلفة البشرية والمالية والسياسية على كيان الاحتلال.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا