Skip to main content

كيف يعصف "الطابق السابع" بمنتقدي إسرائيل داخل الخارجية الأميركية؟

22 آب 2025
مراسلو الجزيرة نت

كيف يعصف "الطابق السابع" بمنتقدي إسرائيل داخل الخارجية الأميركية؟

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (يسار) وفريقه من أشد داعمي إسرائيل (الجزيرة)
محمد المنشاوي22/8/2025-|آخر تحديث: 11:20 (توقيت مكة)

واشنطن- خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، أوقفت وزارة الخارجية الأميركية منح تأشيرات صحية إنسانية لأطفال قطاع غزة المرضى للعلاج بالولايات المتحدة، وبعدها تمت إقالة المسؤول الصحفي للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية شاهد غوريشي.

جاءت الحالة الأولى عقب تغريدة على منصة إكس للورا لومر المعلقة المحافظة والقريبة من الرئيس دونالد ترامب، والتي اعتبرت قدوم هؤلاء الأطفال مع بعض المرافقين لهم يمثل "تهديدا للأمن القومي الأميركي".

وفي الحالة الثانية، لعب ديفيد ميلشتاين، أحد أهم أنصار إسرائيل بالوزارة، ويشغل منصب كبير مستشاري مايك هاكابي، سفير الولايات المتحدة في تل أبيب، دورا رئيسيا في إقالة غوريشي.

الطابق السابع

يعمل بمبنى وزارة الخارجية الأميركية، المكون من 8 طوابق، عدة آلاف من الموظفين والدبلوماسيين والمتعاقدين الحكوميين، إلا أن مركز الثقل الحقيقي واتخاذ القرار يقع في الطابق السابع الذي لا يضم الكثير من الدبلوماسيين المهنيين، ولا الموظفين المحترفين، بل كبار المسؤولين المعينين، وعلى رأسهم الوزير ونائبه وكبار مساعديه ورؤساء الإدارات والأقسام الهامة.

وفي الحالتين المذكورتين، خرج القرار فعليا من هذا الطابق حيث مكتب وزير الخارجية ماركو روبيو، وكبار المسؤولين الذين يتم اختيار أغلبهم من الدوائر الحزبية وأعضاء الحملة الانتخابية القريبة من الرئيس ترامب.

وجاء القرار الأول بعد أيام من وصول العديد من الأطفال المرضى والجرحى من قطاع غزة إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج الطبي. وفي تبريره لاتخاذ القرار، قال روبيو إن العديد من مكاتب أعضاء الكونغرس تواصلت مع وزارة الخارجية تسأل عن كيفية منح هذه التأشيرات الطبية الإنسانية للأطفال والبالغين المرافقين لهم.

إعلان

وكانت منظمة "شفاء فلسطين" غير الربحية قد أحضرت العديد من أطفال غزة الجرحى والمرضى لتلقي العلاج الطبي في مدن مثل سياتل وهيوستن.

وجاء القرار الثاني بعد أن أوصى شاهد غوريشي، وهو متعاقد، وليس موظفا بوزارة الخارجية، بضرورة التعبير عن تعزية الصحفيين القتلى في غزة ومنهم أنس الشريف وزملاؤه، إضافة إلى معارضة التهجير القسري للفلسطينيين، وذلك وفقا لوثائق اطلعت عليها صحيفة واشنطن بوست، وتم فصله بعد ذلك بأيام قليلة.

وفي الوقت الذي يقول فيه مسؤولون أميركيون إن إقالة غوريشي بعثت برسالة "تقشعر لها الأبدان" إلى موظفي وزارة الخارجية مفادها أنه لن يتم التسامح مع الآراء التي تبتعد عن المواقف المؤيدة لإسرائيل، حتى لو كانت تتماشى مع مواقف السياسة الأميركية التقليدية.

فصائل مختلفة

وذكر تقرير لصحيفة واشنطن بوست أن غوريشي وميلشتاين اختلفا حول الإشارة إلى الضفة الغربية المحتلة باسم "يهودا والسامرة"، وهو الاسم التوراتي المستخدم على نطاق واسع داخل إسرائيل.

وفي حديث مع الجزيرة نت، تحدث حسين أبيش، كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، عن الإطار الأكبر لعمل وزارة الخارجية الأميركية واتخاذ قراراتها.

وقال إن هناك ما لا يقل عن 3 فصائل مختلفة تعمل داخل الوزارة، وهي:

  •  المعينون من المتشددين من حركة ماغا الذين يميلون إلى أن يكونوا انعزاليين ومعادين للسامية ومؤيدين بشدة لإسرائيل في الوقت نفسه. ومثل المحافظين الجدد، ينظرون إلى إسرائيل على أنها مثال ممتاز لدولة تفعل ما تريد دون أي اعتبار للقانون الدولي أو الأمم المتحدة أو الرأي العام أو وجهات نظر الدول الأخرى. إلا إنهم ضد تمويلها لأنهم لا يريدون إنفاق الأموال على أي بلد آخر غير الولايات المتحدة.
  •  المعينون من الجمهوريين الأكثر تشددا والذين يمثلهم وزير الخارجية ماركو روبيو، وكبار مساعديه، وهم شديدو التأييد لإسرائيل.
  • دبلوماسيون محترفون في الوزارة، ورؤية الكثير منهم لا تتماشى مع الفريقين السابقين، وهم أغلبية من الليبراليين أو الوسطيين أو المحترفين غير المسيسين. ويكونون أكثر دقة في مقاربتهم تجاه إسرائيل وأقل عداء للفلسطينيين من الفصيلين الآخرين، إلا أن لديهم نفوذا أقل بكثير في دائرة صنع القرار، لكنهم على الأرجح يشكلون الغالبية العظمى من موظفي الوزارة.

وتقع خلافات بين هذه الفرق حول أشياء مثل اللغة والمصطلحات المتعلقة بقطاع غزة وأي شيء يتعلق بإسرائيل.

رسالة واضحة

وفي حين أن فريق ماغا هو ببساطة مشجع صلب لإسرائيل، لا يزال المحافظون الأكثر تقليدية -مثل ماركو روبيو- مؤيدين لها إلى حد كبير، لكنهم يدركون أن واشنطن لديها مصلحة أوسع في الشرق الأوسط وأن هناك حدودا لما هو منطقي بالنسبة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

إعلان

فهم يميلون إلى أن يكونوا داعمين للغاية لتل أبيب، ولكن ليس بقدر فصيل ماغا الأكثر تطرفا، فهم قادرون على النظر في الحكمة المتمثلة في انتقاد الإسرائيليين بلطف لقتلهم الصحفيين أو عمال الإغاثة أو غيرهم ممن قُتلوا ظلما على يد قوات الاحتلال.

أخيرا، يحاول المتخصصون في الوزارة حماية السياسة الخارجية الأميركية التقليدية من خلال الاستعداد لانتقاد التجاوزات الإسرائيلية، بما في ذلك قتل الصحفيين، ومحاولة الحفاظ على المصطلحات الأميركية التقليدية حول الاحتلال والأراضي المحتلة، وعلى عدم استخدام عبارات مثل "يهودا والسامرة".

في حديثه للجزيرة نت، أشار الباحث حسين أبيش إلى أن الرسالة الواضحة من الإجراءين الأخيرين هي "إبقاء رأسك منخفضا، وفمك مغلقا، وأن تكون حذرا جدا بشأن عدم تجاوز الخطوط التي حددها الرئيس ترامب أو وزير الخارجية روبيو خاصة فيما يتعلق بإسرائيل".

وأضاف أنه في الوقت الحالي، يتم التعامل مع كل شيء ذي أهمية حقيقية على مستوى الرئيس ومجموعة صغيرة مقربة منه، والرسالة الموجهة إلى الموظفين هي "اتبعوا الخط الرسمي عن كثب، ولا تقولوا أي شيء قد يقوض السياسة الحالية المتمثلة في الدعم الصادق لإسرائيل، حتى في الوقت الذي تبذل فيه واشنطن جهودا لإنهاء الحرب في غزة، ولا يريد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، إنهاءها".

المصدر: الجزيرة

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا