
أتت أول شتوة هذا العام كارثة على أهالي حي التنك في الميناء - طرابلس ورفعوا الصوت عالياً جرّاء الفياضات التي أغرقت بيوتهم المتهالكة أصلاً وتجعل التنقل مستحيلاً بسبب تراكم النفايات ووصول منسوب المياه على الطرق إلى أكثر من نصف متر.
وكان لحي التنك، الذي يعدّ من أفقر أحياء طرابلس إن لم يكن أفقرها على الإطلاق، مساء البارحة موعد مع الخراب لا سيما أن النفايات التي تملاْ الطرق تسرّبت بفعل الأمطار إلى داخل البيوت. وحاولت "المدن" الدخول إلى الحي لنقل وجع الأهالي وإيصال رسالتهم الطارئة في هكذا وضع كارثي، لكّنها المتحدث بإسم الأهالي ومتزعم الحي جمال شعبان رفض الأمر، مكتفياً بإلقاء اللوم على بلدية الميناء "المقصّرة في واجباتها"، زاعماً أن الأهالي موعودون من جهات محلية بحلّ أزمتهم وأنّ أية إضاءة على الموضوع قد تفشل مساعي الحلّ.
منشادات إنسانية
حي التنك اسم على مسمى، فسقوف البيوت جميعها من مادة التنك، والبيوت بسيطة لا تتعدّى الغرفتين، فيما الأرض ترابية خالية من أي بنى تحتية ما يحتّم تراكم المياه كلّما أمطرت وتحوّلها إلى مستنقعات، وزاد الطين بلة النفايات المتراكمة بين البيوت. يعيش أهالي هذا الحي الذي يمتدّ من الكورنيش البحري في الميناء وصولاً إلى حارة الجديدة، وهم لبنانيون ولاجئون سوريون وفلسطينيون، في ظروف استثنائية تغيب فيها أبسط مقوّمات الحياة. كذلك لا وجود لشبكة صرف صحي أو إمداد للمياه، ولا خدمات كهرباء، في ظل فقر شديد وبطالة مرتفعة. والبارحة عانى هؤلاء الأمرين اذ غرق الحي بمياه الأمطار، فانشغل الأولاد وأمهاتهم بإزالة المياه من البيوت فيما الرجال حاولوا إزاحة النفايات لتصريف المياه المتراكمة. مناشدات الحيّ تكثّفت بعد أول شتوة لأن هذه الحوادث تتكرّر ولا بدّ من إيجاد حلّ قبل أن تتفاقم خلال الشتاء.
لكن الأصوات المرتفعة لا تعني دوماً قضية مُحكَمة، يقول أحد سكان الميناء الملمين بتاريخ هذا الحي وظروفه الخاصة. وأكد المصدر، الذي فضّل ابقاء اسمه مغفلاً، أن البناء في حي التنك بدائي عشوائي ومخالف وعلى ملكيات خاصة لأكثر من عقار، في ظلّ دعاوى قضائية لمالكي الأراضي تطالب بإخلاء السكان، ما يُعرقل أي مشروع إسكان دائم أو تحسين للسكن.
ويضيف: "أن المطالبات، وإن كانت محقة من وجهة نظر إنسانية، لا يمكن تلبيتها لا سيما بسبب ضيق مساحة الشارع واكتظاظه بالبيوت وعدم قدرة الشاحنات على الدخول اليه لجمع النفايات من جهة، ومصلحة مالكي الأراضي الذين يعتبرون أنّ أي محاولة لتحسين هذه المنطقة سيكون غير قانوني وبمثابة شرعنة للمخالفات".
حلول بلدية معقّدة
تقف بلدية الميناء عاجزة أمام كمّ المشاكل المتشابكة في حي التنك، اذ تحاول قدر المستطاع التخفيف من أزمات الاهالي لكنّها تعترف بعدم القدرة على حلّها جميعها، يشرح لـ"المدن" المتحدث الإعلامي لبلدية الميناء رشيد عيسى. ويشير إلى أن البلدية لديها الإرادة للعمل لكنّها مفلسة. وللأسف، باتت تنتظر مبادرات فردية لتستطيع تمويل أي مشروع لنهضة هذه المنطقة المنكوبة وغيرها.
تتابع البلدية عن كثب موضوع هذا الحي، وكانت وجدت حلّاً للنفايات من خلال إدخال جرافة صغيرة الحجم وسيارة شحن صغيرة إلى الشارع الضيق كلّ ثلاثة أيام بهدف جمع النفايات، وهذا حلّ ضمن الإمكانات المتاحة خصوصاً أن حجم شاحنات شركة لافاجيت، المسؤولة عن جمع النفايات في الميناء، لا يسمح لها بدخول هذا الشارع الضيّق.
وحول الحلول الممكنة لهذا الحي المخالف، لفت عيسى إلى أن البلدية أرسلت اليوم وفداً لتفقّد المنطقة ضمّ مسّاحاً من دائرة الهندسة ليدرس إمكانية إيجاد أملاك عامة حول المنطقة يمكن العمل فيها على تأمين بنى تحتية وإقامة سواقي للمياه، مشيراً إلى أن الوضع كارثي بكل معنى الكلمة اذ لم نستطع التّنقل براحة أو عبور الطريق بسبب ارتفاع المياه ناهيك عن النفايات التي دخلت البيوت بسبب الأمطار.
ويضيف: "البلدية في صدد دراسة المنطقة من أجل إيجاد آلية للعمل فيها في أقرب وقت ممكن".
فاعلو خير من الميناء، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، قرروا تخصيص مبلغ لمساعدة أهالي حي التنك على إزالة النفايات وتحسين ظروف العيش مؤقتاً. لكن الحيّ في حاجة إلى نهضة شاملة وليس إلى حلول ترقيعية تزيل النتائج ولا تعالج المشكلة، يقول مصدر متابع لشؤون المنطقة، وأوّلها يكون بتسوية قانونية تعالج مشكلة ملكية الأراضي، وتمنح السكان حقوق سكن قانونية أو عقد إيجار آمناً، وأيضاً بناء وحدات إسكان بديلة أو إصلاح وترميم البيوت القائمة بأسقف قوية ومواد بناء جيدة، وطبعاً بناء بنى تحتية وشبكة صرف صحي ومياهٍ صالحة للشرب.
رنا البايع - المدن
The post حيّ التنك في الميناء يغرق بالمطر وتجتاحه النفايات appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا