خاص - الضفة الغربية - قدس الإخبارية: ما إن أُعلن عن اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال في قطاع غزة، حتى جن جنون جيش الاحتلال ومليشيات المستوطنين في الضفة الغربية.
يوم الثلاثاء الماضي، وبالتزامن مع الحملة الأمنية التي تشنها أجهزة أمن السلطة على مجموعات المقاومة في مخيم جنين، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم ومدينة جنين، فيما شرع جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي على المارة في الشوارع، فضلاً عن تحليق مكثف لطائرات الاحتلال التي شاركت بإطلاق النار من رشاشاتها الثقيلة.
أدت العملية العسكرية لجيش الاحتلال إلى إرتقاء 12 فلسطينيين وإصابة العشرات، فضلاً عن عمليات تدمير واسعة في شوارع المدينة والمخيم، في عدوان هو الأوسع والأعنف، وسط تحريض إسرائيلي مكثف على الضفة الغربية ككل.
إيجاد الردع المفقود في غزة
في حديث خاص لـ"فدس الإخبارية" عن أهداف الاحتلال من عدوانه المستمر على جنين، قال الكاتب والمحلل محمد القيق، ان ما يقوم به الاحتلال في جنين يجري وفق ثلاث محددات رئيسية، أولها خلق صورة الردع الذي فقدها جيش الاحتلال بعد هزيمته أمام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، من خلال الاستعراض العسكري بالآليات العسكرية والطائرات والتدمير والإعدامات، لتعويض الهزيمة المعنوية الساحقة التي تلقتها حكومة ومجتمع الاحتلال في قطاع غزة.
وأضاف القيق أن المحدد الثاني هو الحالة الأمنية الإسرائيلية على ضوء استمرار وتصاعد عمليات المقاومة في شمال الضفة، لخلق شعور من الأمان للمستوطنين في الضفة الغربية، وترميم المنظومة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية التي فشلت أمام المقاومة في الضفة خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وأوضح أن المحدد الثالث يأتي في إطار ضرب مقومات الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية، من خلال التضييق والقتل والاعتقالات الواسعة، ومحاولات فرض مخططات الضم، بالتوازي مع عمليات هدم المنازل الفلسطينية ومصادرة الأراضي وتهويد القدس، خاصة مع تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعن النشاط المقاوم في الضفة الغربية، أكد القيق أن المسار المقاوم فيها سيبقى على نمطه السائد القائم على الخلايا والمجموعات التي تنشط في مخيمات شمال الضفة، إضافة للعمل الفردي، والمقاومة الشعبية، في ظل إفشال السلطة والاحتلال لمحاولات تنظيم صفوف المقاومة، فيما لم تنجح السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بإنشاء أي بنية ذاتية تواجه مخططات الاحتلال.
وأكد القيق أن ترامب سيحي صفقة القرن وسيعمل على تنفيذها بحذافيرها في الضفة الغربية، وتجلى ذلك بالإجراءات الإسرائيلية التي أغلقت مدن وبلدات الضفة الغربية، وتكثييف اعتداءات المستوطنين على غرار ما جرى في بلدة الفندق شرق قلقيلية.
خطاب عسكري وشلال دم
من جانبه، قال المتابع للشأن الإسرائيلي محمد بدر، أن صفقة التبادل التي أجرتها حكومة الاحتلال مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خلقت شرخاً داخل المؤسسة الأمنية والسياسية لدى الاحتلال، فلجأت قيادة الاحتلال لرفع الخطاب الأمني على الخطاب السياسي، مع محالاوت جيش الاحتلال إقناع الجمهور الإسرائيلي بأنه يقوم بمهته على أكمل وجه في توفير الحماية.
وذكر بدر أن عمليات المقاومة الأخيرة في وخاصة عملية الفندق، دفعت مليشيات المستوطنين إلى المطالبة الواسعة بشن حملة عسكرية ضخمة ضد مجموعات المقاومة في شمال الضفة الغربية.
وأضاف أن عجز الاحتلال عن تحقيق أهدافه في قطاع غزة، دفعه إلى شن حملة على الضفة الغربية وربط أهدافها بالأهداف التي كانت مطروحة أمام جيش الاحتلال في قطاع غزة، وفق ما صرح به مكتب رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو بأن العملية في جنين تأتي في إطار محاربة المقاومة الفلسطينية.
وأوضح أن انتهاء الحرب على قطاع غزة، ودفع جيش الاحتلال بسرايا جديدة للقتال في الضفة الغربية والتفرغ لمواجهة المقاومة فيها، فضلاً عن تطوير مجموعات المقاومة لوسائلها القتالية، وخاصة العبوات الناسفة التي باتت تفتك بجنود الاحتلال والتي كان آخرها في طمون قبل أيام والتي أدت لمقتل جندي في جيش الاحتلال.
عدوان مستمر بمساندة السلطة
في خضم عدوان جيش الاحتلال المستمر على جنين، تواصل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عمليتها ضد المقاومين في مخيم جنين في نفس الوقت الذي يشن فيه الاحتلال عدوانه، حيث لاحقت المطاردين واعتقلت الجرحى منهم واستمرت بحصارها المفروض على المخيم بالتوازي مع حصار جيش الاحتلال وانتشاره في المدينة.
ونقلت مصادر محلية أن أجهزة أمن السلطة اعتقلت الجريح المطارد عبادة رواجبة، أثناء تواجده في جنين، علماً أنه نجا من عدة محاولات اغتيال واعتقال إسرائيلية خلال الأشهر القليلة الماضية في مخيم بلاطة وروجيب.
وكانت أجهزة أمن السلطة قد حاصرت يوم أمس الأربعاء مستشفى الرازي في المدينة وأطلقت النار بداخله في محاولاتها لاعتقال مطاردين للاحتلال.
وأفادت مصادر محلية أن أجهز أمن السلطة قد اعتقلت المقاوم المطارد للاحتلال توفيق اغبارية، والقائد في كتيبة جنين محمود أبو نحل، إضافة لاعتقالها، المطارد والقيادي بكتيبة جنين أحمد أبو عميرة منتصف ليلة الثلاثاء.
حصار خانق على الضفة الغربية
شدد جيش الاحتلال منذ دخول إعلان وقف إطلاق النار في غزة إجراءاته العسكرية في الضفة الغربية، عبر نصب الحواجز والبوابات الحديدية عند مداخل القرى والمدن الفلسطينية، وإغلاق بعضها بالمكعبات الإسمنتية.
ووصل عدد الحواجز والبوابات الحديدية، التي نصبها جيش الاحتلال في الضفة الغربية إلى 898 حاجزا عسكريا وبوابة حديدية، فضلاً عن إجراءات تفتيش صارمة للمركبات الفلسطينية والتضييق على الأهالي.
يأتي تقطيع أوصال الضفة الغربية، كإجراء من إجراءات مخططات الضم والسيطرة التي أعلن عنها وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش مراراً وتكراراً، والتي تقضي بتحويل التجمعات الفلسطينية إلى ما يكون أشبه بالسجون الكبيرة، دون أي تمثيل سياسي أو قطاع خدماتي.
ولا تقف رؤية سموتريتش على الحواجز فقط، بل على تكثيف عمليات الهدم من جهة وتدمير المخيمات والقرى الفلسطينية القريبة على المستوطنات، فيما كان آخر هذه التصريحات في أعقاب عملية الفندق مطلع الشهر الجاري، والذي دعا من خلالها إلى تحويل الفندق ومخيم جنين ومخيمات طولكرم إلى "جباليا"، إشارةً للدمار الواسع الذي ألحقه جيش الاحتلال في جباليا.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا